أكد صقر غباش رئيس المجلس الوطني الاتحادي على الدورِ الذي باتت تلعبهُ البرلماناتُ في التعاملِ مع الكثيرِ من القضايا التي تُواجهُ عالمَ اليوم، والتي يُشكلُ فيها التصدي لظاهرةِ التغيِّر المناخي أحدَ أكبرَ التحديات ، انطلاقاً من مهامِها التشريعيةِ والرقابية، حيث تلعب البرلمانات دوراً أساسياً في سَنِّ أو تشريعِ أو تعديلِ القوانينِ المتعلقةِ بالاستثمارِ والتحولِ الوطني إلى مصادرِ الطاقةِ المتجددة، وفي مراقبةِ التنفيذِ والإنفاقِ الحكومي في هذا المجال.
جاء ذلك في كلمة غباش خلال الجلسة الافتتاحية للاجتماع البرلمانى العالمى الذي ينظمة الاتحاد البرلماني الدولي بالتعاون مع مجلس النواب المصري على هامش أعمال الدورة الـ 27 لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المُناخ ، بمدينة شرم الشيخ،بمشاركة واسعة من وفود برلمانية من أكثر من 60 دولة، فضلاً عن المنظمات البرلمانية الدولية والإقليمية، وبحضور عدد من رؤساء البرلمانات وعدد من الشخصيات الدولية رفيعة المستوى.
وقال صقر غباش ،يشهدُ عالمُ اليومِ طفرةً علميةً وتقنيةً هي الأسرعَ والأكثرَ تقدماً عبرَ جميعِ مراحلِ التاريخِ البشري، سيما ونحنُ نعيشُ عالمَ الثورةِ الصناعيةِ الرابعةِ والتكنولوجيا الإحيائيةِ والبياناتِ الكبرى، وفي نفس الوقتِ نواجهُ سلسلةً من التحدياتِ التي لم يشهدْها التاريخُ البشري أيضاً، والتي باتتْ تهددُ وجودَ الإنسان وحياته، ولعلَّ التغيرَ المناخي يمثلُ المشكلةَ الأخطرَ والأكثرَ شموليةً في هذا السياق.
وقال : لمْ يعدْ التصدي لظاهرةِ التغيرِ المناخي امتيازاً لدولةٍ دونَ أخرى، بل هو واجبٌ ومسؤوليةٌ مشتركة يتحملُها العالمُ بأسرِه، شعوباً وحكومات. فالتغيرُ المناخي هو المسؤولُ اليومَ ووفقاً لتقاريرِ منظمةِ الصحةِ العالميةِ عن وفاةِ حوالي 7 ملايين شخصٍ سنوياً، وهو المسؤولُ عن ارتفاعِ درجةِ حرارةِ الأرضِ بمعدلات تتجاوز 1.5 درجةٍ مئويةٍ في العقود القادمة، الأمرُ الذي يعني المزيدَ من الظواهرِ الجوية ِالقاسيةِ التي ستتسبُ في خسائرَ بشريةٍ وماديةٍ وبيئيةٍ كبيرةٍ للبلدان النامية تحديداً، ولا سيما في أفريقيا وآسيا، مثل التصحرِ والجفافِ أو الفيضاناتِ، وبالتالي المزيدَ من المجاعةِ والهجرةِ الداخليةِ والخارجيةِ وغير ذلك، بل وربما النزاعات بين الدول. فنحن اليوم نقف على أعتاب أزمات عالمية أخذت بعض مظاهرها تتجلى حيال أزمات الطاقة ونقص المياه وشح بعض أساسيات الغذاء العالمي مثل الحبوب.
وأشار غباش إلي أن التعامل مع ظاهرة التغير المناخي يتطلبُ من الجميعِ العملَ في اتجاهين متوازيين: أولهما العمل المشترك على المستويين الإقليمي والدولي، مثلما يتجلى اليومَ في هذا الملتقى الذي يمثلُ منصةَ عملٍ وتعاونٍ دوليةٍ مشتركة، وثانيَهما أنْ تتبنى الدولُ قراراتٍ وطنيةً بعيدةَ المدى، تتجاوزُ في حدودِ تنفيذِها تهيئةَ البنيةِ التقنيةِ والفنية، لتصلَ إلى توفيرِ أطرٍ تشريعيةٍ سليمةٍ وشفافةٍ تُساعد على تحقيق رؤية وطنية تتعلق بتطوير الاستثمار في الطاقة المتجددة تحديداً.
ونوه بكلمة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، أمام اجتماع قادة العالم ضمن فعاليات مؤتمر (COP27) التي أكد فيها أهمية معالجة التحديات العالمية كونها تؤثر على منظومة التنمية المستدامة والأمن والاقتصاد، إضافة إلى ضرورة التعاون الدولي في إيجاد حلول عملية تسهم في معالجة الخسائر والأضرار وخلق فرص نمو اقتصادي مستدام للبشر في كل مكان لمستقبل أفضل للأجيال القادمة.
وأشار غباش الي أن دولة الإمارات منذ تأسيسها وضعت التنمية المستدامة ركيزة أساسية في مسيرتها حتى باتت دولة فاعله في مجال الطاقه النظيفة ومواجهة التغيرات المناخية، فكانت الإمارات أول دولة في المنطقة تعلن عن إستراتيجية وطنية لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050، كما تحتضن الدولة ثلاثا من أكبر محطات الطاقة الشمسية في العالم وبأقل تكلفة، وهي أول دولة في المنطقة تستخدم الطاقة النووية السلمية في إنتاج الكهرباء الصديقة للبيئة.
وقال : و فيما يتعلق على المستوى الدولي، وفي إطار مد جسور التعاون والشراكات النوعية مع المجتمع الدولي لتعزيز أمن الطاقة، استثمرتْ الإمارات أكثرَ من 50 مليار دولار في مشاريعِ الطاقةِ المتجددةِ في 70 بلداً، وتخططُ لاستثمار مليارات أخرى خلال العَقدِ المقبل، حيث وقعت الإمارات والولايات المتحدة شراكة استراتيجية لاستثمار 100 مليار دولار في تنفيذ مشروعات للطاقة النظيفة تبلغ طاقتها الإنتاجية 100 جيجاواط.
كما وقعت دولة الإمارات ومصر اتفاقية لإنشاء مشروع لطاقة الرياح في مصر بقدرة 10 جيجاواط والذي يعد واحداً من أكبر المشاريع في هذا المجال على مستوى العالم.
وأشار غباش الي أن المجلسُ الوطنيُ الاتحادي، سيظل، حريصاً على العملِ الدؤوبِ مع المؤسساتِ التنفيذيةِ المعنيةِ في دولة الإمارات في تنويعِ مصادرِ الطاقةِ والتحولِ إلى البيئةِ النظيفة، وفاعلاً في مواكبةِ سرعة العملِ الحكومي وحاجتِه للتشريعاتِ الوطنية اللازمة للتصدي لظاهرة التغير المناخي والانتقال إلى اقتصادِ الطاقة المتجددة. بل إنَّ المجلسَ الوطني قد سعى في التعاونِ مع المؤسساتِ البرلمانيةِ على المستويين الإقليمي والدولي وصولاً إلى الهدفِ المشتركِ لنا جميعاً بضمانِ حصولِ الجميع على مصادرِ الطاقة المتجددة.
وفي ختام كلمته قال غباش نتطلع إلى استضافتكِم على أرضِ إماراتِ التسامحِ والتعايشِ والأخوةِ الإنسانيةِ خلال فعاليات مؤتمر COP 28 الذي سيعقدُ بإذنِ الله في مثلِ هذا الوقتِ من السنةِ القادمةِ،