مع القصائد والجلسات الحوارية والنقاشات والمسرح والفعاليات التي تبني جسوراً مع الآخر، تواصل الشارقة «ضيف شرف» معرض جوادالاهارا الدولي للكتاب، برنامجها الثري الذي يسلط الضوء على الثقافة العربية والإماراتية في المكسيك.
وحضر الشعر مع أمسية «صوت العالم» التي جمعت بين الشاعرين الإماراتيين، خلود المعلا، وعبدالله الهدية، والأديب المكسيكي ديغو غاميس.
واكتظ جناح الشارقة بجمهور المتشوقين للإطلالة على خصوصية الشعر العربي وفرادته. وقالت خلود المعلا: «اليوم تحقق واحد من أحلامي، فقد كنت طوال حياتي أحلم بزيارة المكسيك، فهذا البلد هو الوحيد الذي تألفه قبل أن تزوره، وهو الذي يفتح لك ذراعيه من بعيد، فلا أعلم بعد هذه الزيارة ماذا ستفعل المكسيك بقصائدي وقلبي».
وخلال جلسة حوارية، نظمت ضمن الفعاليات، أكد رئيس اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، سلطان العميمي، أن حجم حضور المفردات العربية في اللغة الإسبانية لا يعكس تاريخ وجود العرب في الأندلس على مدار ثمانية قرون وحسب، وإنما يكشف حجم المشتركات الثقافية التي تجمع العرب مع الناطقين في الإسبانية، خصوصاً المكسيكيين، مشيراً إلى أن للغة تأثيراً كبيراً على تجاوز الفجوة مع الآخر. وأضاف: «مجرد أن أستمع لشخص مكسيكي يتحدث بكلمات أصولها عربية أشعر بألفة معه».
جاء ذلك خلال جلسة نظمت ضمن فعاليات الشارقة ضيف شرف معرض جوادالاهارا الدولي للكتاب، تحدث خلالها العميمي إلى جانب الكاتب والباحث مويسيس غاردينيو غارسيا، وأدارها خورخي البيرتو بيريس، وتناولت تاريخ المعاجم العربية وتطورها،
واستهل العميمي الجلسة التي تناولت المسار التاريخي الذي تأثرت به اللغة الإسبانية باللغة العربية بالإشارة إلى أنه خلال زيارته للمكسيك مع وفد الشارقة ولقائه المباشر مع الشعب المكسيكي، تعمقت معرفته بطيبة ولطف هذا الشعب، واكتشف كم هو يشبه في الكثير من سماته الشعوب العربية.
وبيّن العميمي أن عدد الكلمات الإسبانية التي يعود أصلها إلى اللغة العربية يبلغ 4000 كلمة، موضحاً أن هذا الكم من الكلمات يكشف أشكالاً متعددة من تأثير اللغة العربية على الإسبانية، فهناك تأثر على المستوى الصوتي، مثل ظهور حرف الخاء في اللغة الإسبانية، وهنالك تأثر يظهر على المستوى المعجمي ويبرز في الكلمات التي انتقلت مشافهة وليست كتابة، بالإضافة إلى التأثير الصرفي، والتأثير القائم في اللغة المخترعة للإنسان مثل التي يبتكرها لتدل على صوت أو حركة وتكون مرتبطة بهذه الحركة، ككلمة دق أو طرق في العربية.
من جهته، أكد الكاتب مويسيس غاردينيو غارسيا، خلال الجلسة الحوارية، حجم حضور اللغة العربية في الإسبانية، وهذا الحضور رغم قوته في كشف العلاقة الثقافية التاريخية بين الناطقين بالإسبانية والعرب، إلا أنه اليوم يواجه الكثير من التحديات، أهمها يتجسد في صورة العرب لدى المكسيكيين التي تقدمها بصورة غير دقيقة أو واضحة بعض وسائل الإعلام.
وقال إن المكسيكيين بحاجة إلى التواصل الحي والمباشر مع العالم العربي، مثل التفاعل الذي تقدمه الشارقة في معرض جوادالاهارا للكتاب، مؤكداً أن الحوار والتواصل مع مثقفين وأدباء وكتّاب عرب من شأنه أن يسد الفجوة في معرفة جوهر وأصالة الثقافة العربية وراهنها اليوم.
«فوق الأرض تحت السماء»
نجح منتسبو مؤسسة ربع قرن لصناعة القادة والمبتكرين في حشد الجمهور المكسيكي من عشاق المسرح والفنون البصرية والأدائية، إذ اكتظ مسرح «فيفيان بلو مينفال»، في مدينة جوادالاهارا، بالجمهور لمشاهدة العرض المسرحي العرائسي «فوق الأرض تحت السماء» الذي تقدمه «ربع قرن» ضمن مشاركتها في فعاليات الشارقة ضيف شرف معرض جوادالاهارا للكتاب.
وتدور فكرة العرض في فلك معاناة الأطفال اللاجئين عبر الانتقال من الحياة الطبيعية إلى تأثير الحروب وما تحدثه من تدمير لبيوتهم ومدارسهم وثقافتهم، وإلقاء الضوء على إسهامات أصحاب الأيادي البيضاء في البناء والتعليم، وتقديم يد العون للأطفال لإعادة البسمة إلى وجوههم البريئة.