في الثالثة من عصر الجمعة الماضي، امتلأ نادي المشتل الرياضي غرب مدينة غزة، بـ25 فتاة من الصغيرات والكبيرات، اللواتي غادرن منازلهن لممارسة رياضة تخالف طبيعة أنوثتهن اللطيفة، ليرتدين قفازات جلدية منتفخة، وما هي إلا لحظات معدودة حتى تحول المكان إلى حلبة منافسة بين الأذرع الناعمة.
مشاهد المبارزة الرياضية النسائية هذه كانت أثناء جلسة تدريب يومي داخل أول ناد نسائي لتعليم رياضة الملاكمة في غزة، تأسس وانطلق حديثاً، في صورة مشرقة لمحاكاة نساء قطاع غزة.
محاكاة العالمية
حضرت «الإمارات اليوم» إحدى جلسات التدريب بالمركز الفلسطيني لملاكمة الفتيات، داخل قاعة مخصصة لهن في نادي المشتل الرياضي، حيث تتوسطها حلبة الملاكمة المُعدة وفقاً للمعايير العالمية، فيما تحيطها المجسمات المطاطية صغيرة الحجم وكبيرته، لممارسة الفتيات التدريبات بشكل سليم.
مدربة فريق الفتيات ابتسام نصر، كانت تراقب عن قرب أداء الفتيات الصغيرات والكبيرات داخل حلبة الملاكمة، مع إسداء الملاحظات لهن بشكل مستمر، حتى الوصول إلى أفضل المستويات.
وتقول مدربة الملاكمة ابتسام نصر لـ«الإمارات اليوم»، «إن المركز الفلسطيني لملاكمة الفتيات افتتح عام 2017، لتشكيل فريق نسائي قادر على محاكاة العالمية، وإضافة هذا النوع من الرياضة إلى غزة، التي تقبل فتياتها على الحياة من وسط معاناة تحاصر حياتهن بشكل محكم».
وتبين أن الفريق النسائي الذي يمثل الاتحاد الفلسطيني لرياضة الملاكمة، يضم (25) فتاة، سبع منهن بين التاسعة والـ17 عاماً، وتسع فتيات أعمارهن بين الـ17 والـ20 عاماً، والمتبقيات يمثلن النواة الأساس لفريق تم تأسيسه حديثاً في عام 2022، يضم نساء حتى سن الـ35.
وتشير المدربة نصر إلى أن الفتيات اللواتي اكتسبن مهارات الملاكمة، يشاركن في مسابقات محلية، كما يمتلكن القدرة على تجاوز حدود الحصار للمشاركة في بطولات على الصعيدين العربي والعالمي.
الثقة بالنفس
أثناء التمارين التي امتدت على مدار ساعتين كاملتين، أظهرت الفتيات اللاتي تراوح أعمارهن بين سن التاسعة والـ20 إتقان جميع القواعد الأساسية للرياضة الخشنة، وهذا ما كان واضحاً أثناء التدريب الجماعي، وجولات المبارزة الفردية بينهن.
الفتاة رهف أبوناجي (17 عاماً)، التي تمارس هذه الرياضة منذ أربعة أعوام، التحقت بالمركز الفلسطيني لملاكمة الفتيات تحقيقاً لرغبة والدها، لتكتسب مهاراتها في رياضة الملاكمة التي باتت رفيقة طموحاتها حالياً، وتقول أبوناجي في وقت مستقطع من الحصة التدريبية اليومية، «إن الالتحاق بنادي الملاكمة في البداية كان رغبة والدي، ولكن اليوم لا تبرح ذهني أبداً، فقد أضافت لحياتي اليومية تغيرات جذرية، أهمها، تعزيز الثقة بالذات، والدفاع عن النفس، كما أصبحت قوية أكثر من أي وقت سبق».
وأضافت «ما كنت أشاهده عبر شاشات التلفاز ووسائل التواصل الاجتماعي لأبطال الملاكمة في العالم، أصبحت أعيشه وزميلاتي على أرض الواقع داخل حدود غزة».