استطاعت مهندسة أميركية أن تزاوج بين تقنية تقليدية وأخرى حديثة، لتبريد مباني مدرسة للفتيات في بلدة غايسالمر الصحراوية بشمال الهند، حيث تصل درجات الحرارة إلى ما يقرب من 120 درجة فهرنهايت (49 درجة مئوية) في ذروة الصيف.
ودرج سكان هذه المدينة المعروفة أيضاً باسم «المدينة الذهبية»، بسبب منازلها المبنية من الحجر الرملي الأصفر، منذ فترة طويلة، على تصميم منازلهم لتتكيف مع درجات الحرارة العالية. هذه التقنية نفسها اقتبستها المهندسة الأميركية، ديانا كيلوج، خلال تصميمها مدرسة راجكوماري راتنافاتي للبنات في غايسالمر.
وتقول كيلوج: «هناك تقنيات تبريد تقليدية تم استخدامها لقرون خلت في هذه المنطقة، وما فعلته هو أنني جمعت التقنية التقليدية والجديدة معاً في تركيبة واحدة ناجحة»، مضيفة أن درجات الحرارة داخل المدرسة قلت باستخدام هذه التقنية بنحو 20-30 درجة فهرنهايت عن الهواء الطلق في الخارج.
ويهدف هذا المشروع إلى تمكين النساء والفتيات من تعلم القراءة والكتابة في منطقة يعتبر فيها معدل معرفة القراءة والكتابة هو الأدنى بين الإناث في الهند، وتم تنفيذ المشروع بتمويل من منظمة «سي آي تي تي إيه» الأميركية غير الربحية، التي تقدم الدعم الاقتصادي والتعليمي للنساء في المناطق النائية والمهمشة. ويعتبر هذا المشروع المعماري خطوة من ثلاثة أجزاء سيشمل أيضاً مركزاً تعاونياً نسائياً وساحات للعرض.
تطويع حرارة الصحراءكيلوج التي تصمم عادةً مشروعاتسكنية راقية، استلهمت فكرة تبريد هذا المبنى خلال رحلة لها عام 2014 إلى منطقة غايسالمر، واستطاعت أن تطوع حرارة الصحراء من خلال دمج جوانب هندسة غايسالمر التقليدية مع التصاميم الحديثة.
وبالنسبة لهيكل المبنى، اختارت كيلوج استخدام الحجر الرملي من مصادر محلية، وهي مادة مقاومة للمناخ تم استخدامها منذ فترة طويلة في مباني المنطقة، من بينها حصن غايسالمر، الذي يمثل جزءاً من المدينة، ويعتبر أحد مواقع اليونسكو العالمية. وتقول كيلوج: «إن الحجر الرملي متوافر بكثرة في هذه المنطقة، وسعره معقول للغاية، وهو في الواقع يعمل كعازل للحرارة، ويحافظ على الحرارة في الداخل، وعلى درجة البرودة في الليل أيضاً».
جدار جالي
من بين التقنيات التقليدية التي دمجتها كيلوج في تصميمها، هي تبطين الجدران الداخلية بالجبس الجيري، وهي مادة تبريد طبيعية مسامية تساعد على إطلاق الرطوبة المحتجزة. واستوحت كيلوج أيضاً من المباني الأخرى في المنطقة ما يسمى بجدار جالي، وهو عبارة عن شبكة من الحجر الرملي تسمح للرياح بالتسارع في ظاهرة تسمى تأثير الفنتوري، وتساعد على تبريد الفناء وتوافر الظل. وتعمل الأسقف والنوافذ العالية على تخليص المبنى من درجات الحرارة المتزايدة في الفصول الدراسية، بينما توفر مظلة الألواح الشمسية الظل والطاقة. ويتخذ هيكل المبنى شكلاً بيضاوياً يساعد على التقاط الهواء البارد وتدويره، وكذلك لدلالاته الرمزية على الأنوثة، بما يتوافق مع روح المشروع.
تقنيات التبريد
قد يكون تصميم مساحة تعليمية مريحة أمراً صعباً في قلب صحراء ذات درجات حرارة عالية للغاية، حيث يتسبب تغير المناخ في فترات جفاف أطول وأكثر كثافة. وبينما يمكن تطبيق العديد من تقنيات التبريد المستخدمة في المدرسة في مكان آخر من حيث المبدأ، فإن فاعليتها واستدامتها ستختلف من موقع إلى آخر، كما تعترف كيلوج، وذلك بسبب اتجاهات الرياح من منطقة لأخرى، والأحجار الرملية المختلفة التي تنظم درجات الحرارة بشكل مختلف عن المواد الموجودة والمستخدمة.
ولا يتم استخدام مكيف الهواء في أي مكان بالمبنى، ليس فقط بسبب تأثيره البيئي ولكن لأنه غير شائع في المنطقة، حيث يعتمد الوضع داخل الفصول على آليات التبريد التقليدية والطبيعية التي تعرفها الطالبات، وتعتقد كيلوج بأنهن سيشعرن بالراحة في محيطهن وبيئتهن، ما يؤدي إلى زيادة الثقة في أنفسهن.
إحدى التقنيات التقليدية التي دمجتها كيلوج في تصميمها، تبطين الجدران الداخلية بالجبس الجيري، وهي مادة تبريد طبيعية مسامية تساعد على إطلاق الرطوبة المحتجزة.
يتخذ هيكل المبنى شكلاً بيضاوياً يساعد على التقاط الهواء البارد وتدويره، وكذلك لدلالاته الرمزية على الأنوثة، بما يتوافق مع روح المشروع.