
لم تنخفض حدة المواجهة بعد أزمة صواريخ الكاريبي عام 1961 التي كادت أن تتسبب في حرب نووية بين الطرفين. بعد تلك الأزمة التي تُعد الأشد خطرا في حقبة الحرب الباردة، توالت الأعمال الاستفزازية الواحدة تلو الأخرى بمبادرات أمريكية.
في 10 مارس 1964، أرسل الأمريكيون طائرة استطلاع من طراز “دوغلاس آر بي 66” للتجسس على تدريبات عسكرية واسعة النطاق للقوات السوفيتية المتمركزة في ألمانيا الشرقية.
طائرة التجسس الأمريكية وهي نسخة معدلة متخصصة في الاستطلاع الالكتروني عن قاذفة “بي – 66″، كان يقودها طاقم من ثلاثة أفراد هم النقيب ديفيد هولاند والرائد هارولد ويلش والنقيب ملفين كيسلر.

في الصباح الباكر، انتهكت الطائرة الأمريكية المزودة بمعدات لجميع بيانات الرادارات والاتصالات السوفيتية، حدود ألمانيا الشرقية في ذلك الوقت، وانطلقت لاعتراضها ثلاث مقاتلات سوفيتية من طراز “ميغ – 19” من الفوج المقاتل 35.
إحدى الطائرات الاعتراضية كان يقودها النقيب فيودور زينوفييف، والثانية بقيادة فيتالي إيفانيكوف، والثالثة بقيادة بوريس سيزوف.
رصد الهدف أولا النقيب إيفانيكوف وكان يحلق بطائرته على ارتفاع 8000 متر، فيما كانت طائرة التجسس الأمريكية تطير على ارتفاع حوالي 10000 متر. الطيار النقيب زينوفييف تولى إعطاء أوامر بالهبوط الاضطراري للطائرة الدخيلة، تبعها بطلقات نار تحذيرية ثم أطلق النار مباشرة على الهدف.
بعد الهجوم الأول، تباطأت سرعة طائرة التجسس الأمريكية وانخفضت إلى ارتفاع 4000 متر وهي تحاول الهرب في اتجاه الحدود. عندها هاجمها النقيب إيفانيكوف بصواريخ غير موجهة طراز “سي -5 “، ثم بطلقات مدفعية.

على مسافة 10 كيلو مترات من حدود ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية انفجرت طائرة التجسس الأمريكية في سماء مدينة ماغدبورغ، الألمانية الشرقية، وشاهد الطيار السوفيتي إيفانيكوف ثلاث مظلات تخرج منها.
تمكن طاقم طارة التجسس الأمريكية من القفز بالمظلات والنزول إلى الأرض بسلام ماعدا الملاح هارولد ويلش الذي أصيب أثناء الهبوط في ساقه وذراعه، ونقل إلى المستشفى، فيما سقط حطام الطائرة في ساحة تدريب عسكرية حيث كانت تجري مناورات سوفيتية.
الولايات المتحدة ادعت أن الطائرة الأمريكية كانت في مهمة تدريبية يفترض أن تكون في بحر الشمال، وأنها ضلت طريقها بسبب ضعف الرؤية وخطأ في الملاحة وانحرفت 800 كيلو متر عن مسارها، فيما اتهم السوفييت الأمريكيين بأنهم انتهكوا بشكل متعمد المجال الجوي لألمانيا الشرقية.
اعتقل أفراد طاقم طائرة التجسس الأمريكية واتهموا بالتجسس وجرى استجوابهم في تحقيق مكثف، في حين نُقل حطام طائرة التجسس الأمريكية إلى حظيرة في مطار ستندال وانكب الخبراء السوفييت على دراسته وكشف أسراره. طاقم الطائرة الأمريكية كان أتلف الوثائق السرية قبل تحطم الطائرة وحاول التخلص من المعدات بالغة السرية إلا أن بعضها بقي سليما.

أفراد طاقم طائرة التجسس الأمريكية أطلق سراحهم في 29 يناير 1965 بعد مفاوضات سرية بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة، وتمت مبادلتهم بمواطن سوفيتي كان محتجزا في الغرب.
تمكن الطرفان في ذلك الوقت من تسوية هذه القضية أيضا وأغلاق ملفها، إلا أنها أظهرت بوضوح خطورة المواجهة بين القوى الكبرى والمضاعفات الخطيرة التي قد تنجم عن أقل احتكام بين الجانبين.
مع كل ذلك لم تتم الاستفادة من دروس حقبة الحرب الباردة المتتالية كما يجب، وبقيت سياسة الاستفزاز ومحاولة إخضاع الآخرين نهجا يتمسك به الغرب، على الرغم من الإعلان عن انتهاء الحرب الباردة واختفاء أسبابها.
المصدر: RT
إقرأ المزيد

الأمريكيون يستعينون بـ “أنياب ومخالب النمور” للانقضاض على الصينيين
استعان الأمريكيون في شبه الجزيرة الكورية بأنياب ومخالب نمور رُسمت على مقدمة دباباتهم لإخافة الصينيين في عملية عسكرية لتدمير قوات متطوعيهم المتمركزة حول سيئول في مارس 1951.

90 عاما من عمر أول رادار!
مرت 90 عاما على إجراء الاختبارات الأولية لرادار مصمم على كشف الأجسام الجوية. الجهاز اخترعه الفيزيائي الأسكتلندي روبرت واتسون وات، وحصل حينها على أول براءة اختراع في هذا المجال.

خطاب تشرشل الشهير ورد ستالين!
ألقى ونستون تشرشل في 5 مارس 1946 في كلية وستمنستر في مدينة فولتون بولاية ميزوري الأمريكية، خطابا شهيرا دخل التاريخ باعتباره بداية الحرب الباردة.

من موسكو إلى برلين حتى باريس!
لم تنته المعركة مع نابليون بونابرت بطرده وجيوشه من روسيا القيصرية عام 1812. ما جرى لاحقا مهم للغاية لكن لا يعرفه الكثيرون. بونابرت في ذلك الوقت كان لا يزال قويا وخطره لم ينته.

بلا نووي.. الغارة الأكثر دموية في التاريخ
نفذت الولايات المتحدة ليلة 9- 10 مارس عام 1945 غارة جوية هي الأكثر دموية في التاريخ، وهو ما عبر عنه قائدها الجنرال كورتيس ليماي بقوله “لو خسرنا الحرب لحوكمت كمجرم حرب”.