<![CDATA[
تقارير الوظائف الإيجابية، وبيانات التصنيع القوية، والإنفاق الاستهلاكي لا يزال جيداً. في أي وقت تبلغ فيه أميركا أن اقتصادها قوي، يكون لدى “وول ستريت” حالة من الذعر. لكن لماذا تعتبر الأخبار الجيدة أخبارًا سيئة في “وول ستريت”؟
كبير الاقتصاديين في “مورننغ كونسلت”، جون لير، يرى أن “الإجابة المختصرة هي أنه مع استمرار نمو الاقتصاد، لا سيما على صعيد الوظائف، فإن ذلك يضع مزيدًا من الضغط على الاحتياطي الفيدرالي لزيادة أسعار الفائدة”.
تشير التقارير الاقتصادية القوية إلى أن الارتفاعات التاريخية لمعدل الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي قد لا يكون لها تأثير كما ينبغي، وقد يحتاج رئيس البنك الاتحادي الفيدرالي الأميركي، جيروم باول، وصناع السياسة النقدية، إلى رفع أسعار الفائدة لفترة أطول لإبطاء الاقتصاد وتهدئة التضخم. فيما تعتبر زيادة أسعار الفائدة من الأخبار السيئة للأسهم لأنها تتسبب في تآكل أرباح الشركات.
لكن “وول ستريت” حساسة بشكل خاص لأرقام الوظائف القوية. وقد كانت المرونة في سوق العمل ملحوظة. حيث خلق الاقتصاد الأميركي نحو 4.5 مليون وظيفة خلال العام المالي، وهو ثاني أكبر عدد في التاريخ، مع أكثر من 10 ملايين فرصة عمل متاحة. والخوف هو أن سوق الوظائف القوي سيؤدي إلى مزيد من التضخم، وهي أخبار سيئة للشركات في “وول ستريت”.
وفق شبكة “سي إن إن”، قد تم تسجيل نحو 223 ألف وظيفة جديدة خلال شهر ديسمبر الماضي، لكنها كانت أبطأ وتيرة منذ ديسمبر 2020.
وزادت الأجور في ديسمبر بنسبة 4.6% على أساس سنوي، وهي الأبطأ منذ أغسطس 2021. وقد لا يبدو هذا خبرًا للبعض، ولكن “وول ستريت” اعتبرت هذه القراءة علامة على أن قرارات بنك الاحتياطي الفيدرالي بشأن رفع الفائدة قد تبدأ في العمل.
ويرى “لير”: أن “أحد الأشياء التي رأيناها هو أن نمو الأجور كان قويًا إلى حد ما، وهناك خوف من أن يؤدي نمو الأجور في النهاية إلى ارتفاع التضخم إلى أعلى.. لذا يريد الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة لمحاولة كبح الطلب على العمال ونأمل أن يخفض الأجور، الأمر الذي سيؤدي في الواقع إلى خفض التضخم في نهاية المطاف”.
وهذه المؤشرات والتوقعات تضع البنك المركزي الأميركي أمام معادلة صعبة. فهو يسعى إلى القضاء على التضخم المرتفع للغاية، ولكن ليس دفع الاقتصاد إلى الركود.
وقال “لير”: “نعم الاقتصاد قوي، لكن هذا يعني أن الاحتياطي الفيدرالي قد يحتاج إلى تقديم المزيد من الأدوية التي ستضر لاحقًا.. نعم، سوق العمل قوي، لكنه يظهر بوادر تباطؤ.. نعم، لقد كان ثاني أفضل عام في التاريخ من حيث خلق فرص العمل، ولكن من غير المتوقع أن يستمر وقد يكون هذا خبرًا جيدًا، لأنه يخرج بعض الزبد من الاقتصاد”.
أيضاً، هناك عدة أزمات تزيد من مخاوف “وول ستريت”، مثل الحرب في أوكرانيا، ونقص العمالة، واستمرار فوضى سلسلة التوريد، وكل هذه المشاكل تعني أنه علينا التخلص من الحكمة الاقتصادية التقليدية من النافذة. ليس لدينا تاريخ لإرشادنا في أي من هذا، ولا توجد حلول سهلة، وفق ما ذكره “لير”.