<![CDATA[
لم تكن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا المكان الوحيد الذي تشارك فيه قوات “فاغنر” إلى جانب جيش سيد الكرملين، لكنها كانت المكان الأبرز الذي علا فيه اسم تلك القوات.
فقد قاتل عناصر تابعون للشركة العسكرية الروسية الخاصة التي تُعرف باسم “مجموعة فاغنر”، في سوريا وإفريقيا إلى جانب الأراضي الأوكرانية مؤخراً.
وتنتشر عناصرها في بلدان إفريقية لتوفير الدعم والأمن لشركات التعدين الروسية والشركات التي تعمل معها.
فيما جرى اتهام روسيا باستخدام فاغنر للسيطرة على الموارد الطبيعية في إفريقيا، فضلا عن التأثير على الشؤون السياسية والصراعات في دول مثل ليبيا والسودان ومالي ومدغشقر، ونشطت في سوريا أيضاًَ.
واللافت في الأمر أنها كانت رديفة أساسية للجيش الروسي في معظم عملياتها على أراضي الجارة الأوكرانية، خصوصاً الحساسة منها، وآخرها كان معركة سوليدار الاستراتيجية مفتاح باخموت.
ولزيادة الضغط عليها، صنّفت الولايات المتحدة، الجمعة، مجموعة فاغنر الروسية على أنها “منظمة إجرامية دولية”.
فما هي إذا تلك القوات التي شغل اسمها العالم مؤخراً؟
تُعرف مجموعة “فاغنر” بتكتيكاتها وأساليبها الوحشية، تأسست عام 2014، حيث كلّفت حينها بأول مهامها في شبه جزيرة القرم بشكل علني.
وساعد عناصرها وبعضهم كانوا يرتدون ملابس رسمية، القوات الانفصالية المدعومة من روسيا على السيطرة على الجزيرة.
أما مع اندلاع العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، فعززت قوات فاغنر دعمها للقوات الروسية المتمركزة على الخطوط الأمامية إلى أن تزايد الاعتماد عليها خصوصا في المعارك الحاسمة.
لكن أفعالها جعلتها في مرمى الانتقادات أكثر، حيث كان آخرها إعدام يفغيني نوزين، وهو أحد عناصرها ممن انشقوا عنها فظهر بمقابلات عديدة ينتقد القيادة الروسية وفاغنر نفسها حتى جرى تسليمه بصفقة تبادل أسرى مع الروس، فانتشر لاحقا مقطع فيديو مرعب على تطبيق تليغرام يظهر إعدامه بضرب رأسه بمطرقة ثقيلة.
وانتشرت الحادثة كالنار في الهشيم بالأوساط السياسية، ما فجر غضباً واسعاً وسط إدانات دولية للعملية.
ولعل تلك الحادثة أدت إلى زيادة التدقيق والتركيز الدولي على المجموعة المقربة من الكرملين، كما سلطت الضوء على حقيقة فاغنر وأهميتها في العمليات العسكرية الروسية بأوكرانيا.
فقد فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على الشركة ومالكها ومعظم قادتها.
قوامها وإمكانياتها
تتألف المجموعة من بضعة آلاف من المرتزقة، يُعتَقد أن معظمهم من قدامى المحاربين وعناصر سابقة في وحدات النخبة العسكرية، ممن حصلوا على تدريب جيد، وفقاً لتقرير صحيفة “دولتشي فيليه” الألمانية.
لكن مع تزايد خسائر روسيا في حرب أوكرانيا، بدأ مالك الشركة يفغيني بريغوزين، الذي يعد أحد أبرز الأوليغارش الروس ويُعرف باسم “طباخ بوتين”، في توسيع المجموعة من خلال تجنيد سجناء روس وعناصر مدنية روسية وأجنبية. وما أثبت الأمر أكثر، ظهوره في مقطع فيديو في سبتمبر/ أيلول الماضي، يتحدث إلى سجناء في باحة سجن روسي، واعدا إياهم بتخفيف العقوبة عليهم حال سفرهم 6 أشهر إلى أوكرانيا.
وتشير التقديرات إلى أن 20 ألفا من عناصر مجموعة فاغنر يقاتلون حاليا في أوكرانيا.
ومع ذلك، يشير خبراء إلى أن فاغنر تكبدت خسائر بشرية كبيرة في العمليات في أوكرانيا.
قانونية وجودها
بعدما سطع نجمها إلى حد كبير في أوكرانيا، بدأت التساؤلات حول مدى قانونية وجود مثل هذه المجموعة تقاتل علناً إلى جانب جيش رسمي.
فالدستور الروسي لا يجيز إنشاء شركات عسكرية خاصة أو جيش مرتزقة، إذ ينص على أن مسؤولية الأمن والدفاع عن البلاد تقع على عاتق الدولة دون غيرها.
كما يحظر القانون الروسي على المواطنين الروس العمل كمرتزقة.
لكن رغم ذلك، فإن القانون يسمح للشركات التي تديرها الحكومة بإنشاء وامتلاك قوات أمن مسلحة خاصة، وهي ثغرات قانونية تمثل منطقة رمادية شبه قانونية تتيح لمجموعة فاغنر العمل.
إلا أن روسيا ليست الدولة الوحيدة في العالم التي تمتلك شركات عسكرية خاصة، بل يمتد الأمر إلى دول مثل الولايات المتحدة وجنوب إفريقيا والعراق وكولومبيا، إلا أن الأخيرة تعمل بشكل متواضع، حيث تختلف فاغنر عنهم بعلاقتها الوثيقة مع الحكومة الروسية، فضلا عن نطاق انتشارها الكبير.
سمعة وعقوبات.. ارتكبت فظائع
ولم تقتصر مهمتها كغيرها من الشركات العسكرية على توفير الخدمات الأمنية، بل انخرطت عناصر فاغنر في تنفيذ مهام كبيرة في نزاعات وحروب أهلية، فضلا عن تضرر سمعتها بسبب تبني عناصرها أفكارا يمينية متطرفة.
ومنذ سنوات تُتهم مجموعة فاغنر بالإسهام في تحقيق طموحات الكرملين الخارجية، آخرها أوكرانيا، حيث افتتحت لها الشهر الماضي مقرا في مدينة سان بطرسبرغ، ثاني أكبر المدن الروسية.
في حين بات مؤسسها يزور بانتظام الجبهة الأوكرانية، ويدلي بتصريحات بشكل نشط عبر جهازه الإعلامي.
إلى ذلك، صنّفت الولايات المتحدة، الجمعة، مجموعة فاغنر الروسية على أنها “منظمة إجرامية دولية”.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، في إحاطة صحافية، إن فاغنر “منظمة إجرامية تواصل ارتكاب فظائع وانتهاكات لحقوق الإنسان على نطاق واسع”.