في حين يستخدم فنانون آخرون الألوان المائية أو الزيتية، يستخدم موبينغيني بوثيليزي نفايات البلاستيك، لرسم صور ذات زخارف عالية الدقة في الاستوديو الخاص به بمنطقة بويزينز، بمدينة جوهانسبرغ. ويجمع بوثيليزي القمامة البلاستيكية من مكبات القمامة المحلية وشوارع المدينة. ويقول: «تموت الحيوانات في البر، والأسماك في البحر بسبب هذه المادة وبسببنا نحن البشر، وعلينا أن نتحمل المسؤولية».
واكتشف الفنان والناشط بوثيليزي، (56 عاماً)، موهبته في الإبداع عندما كان صبياً يعيش مع أسرته في ريف كوازولو ناتال، بجنوب إفريقيا، وكان يصنع تماثيل من الفخار على شكل أبقار وخيول وماعز. ويقول: «لقد نشأت مع حيوانات والدي، كانت الماشية تمثل جزءاً مهماً من حياتي»، لكن لم يكن كل شيء في هذا المكان الريفي طبيعياً، ويقول إن القمامة البلاستيكية كانت شائعة جداً في مناطق الرعي، لدرجة أنها أصبحت جزءاً غير مرحب به في النظام الغذائي المعتاد للأبقار، ويضيف: «كنا نرى هذه الأبقار تموت لأنها تأكل البلاستيك».
مشكلة تلوث خطيرة
بعد مرور خمسة عقود، لاتزال جنوب إفريقيا تعاني مشكلة تلوث بلاستيكي خطيرة. في عام 2018 انتهى الأمر بما وصل إلى 107 آلاف طن متري من النفايات البلاستيكية من جنوب إفريقيا إلى داخل البحر، وكشفت دراسة أجريت عام 2015 أن البلاد كانت من أكبر 20 مساهماً في العالم في التلوث البلاستيكي البحري، ومع تزايد حجم النفايات البلاستيكية في جميع أنحاء العالم بدأ بوثيليزي يستخدم عمله لتسليط الضوء على هذه المشكلة ومكافحتها.
لم يكن استخدام بوثيليزي للنفايات دفاعاً عن البيئة دائماً، فقد بدأ أولاً في استخدام هذه النفايات في فنه لأنه لم يكن يستطيع تحمل كلفة المزيد من الوسائط التقليدية. في سن الـ22 عندما كانت البلاد لاتزال تحت نظام الفصل العنصري، التحق بفصول دراسية بدوام كامل في مدرسة فنون مجتمعية في سويتو بجوهانسبرغ، وعاش في غرفة صغيرة، وعمل في وظائف شتى لدفع الإيجار والطعام، ولم يكن لديه مال لشراء المواد التي يستخدمها في أعماله الفنية.
ويقول: «كان الوقت خلال الثمانينات، وكانت جنوب إفريقيا تواجه مرحلة انتقالية من السياسة المتقلبة للغاية». والمناخ السياسي لم يوفر الكثير من الفرص للشباب السود في جنوب إفريقيا الذين يحاولون بناء حياتهم المهنية، خصوصاً في البلدات الصغيرة، حيث كانت المشكلة الرئيسة هي نقص التمويل، ولا يوجد تعليم رسمي في البلدات، والمؤسسات المجتمعية، مثل كليته التي لم تتلق أي دعم من الدولة.
ويضيف أنه تعلم في المدرسة أشياء مثل الكولاج باستخدام المجلات القديمة، لإنشاء عمل فني عندما لا يتوافر المال لشراء الألوان، «ومن خلال هذه الأساليب التقليدية الرائعة في صنع الفن، قمنا بتوسيع طريقتنا في النظر إلى الفن والحياة».
ويتذكر قائلاً: «بجوار الاستوديو الخاص بي في الكلية كان هناك مكب نفايات، ورأيت كل هذه الألوان الرائعة، وتساءلت: ما الذي يمكنني فعله للاستفادة من هذه المواد البلاستيكية الموجودة في كل مكان؟».
بدأ في جمع القمامة البلاستيكية لاستخدامها بدلاً من الدهانات الزيتية باهظة الثمن، وطور تقنية باستخدام مسدس حراري كهربائي ينتج الهواء الساخن لإذابة البلاستيك ثم يضعه على قماش معاد تدويره، ويعتقد أن هذه التقنية هي أكثر ملاءمة للبيئة من استخدام اللهب لإذابة البلاستيك وإطلاق أبخرة ضارة في الغلاف الجوي.
بعد أن أكمل دراسته في المعهد الإفريقي للفنون ثم في مؤسسة جوهانسبرغ للفنون، واصل دراسته للحصول على دبلوم متقدم في الفنون الجميلة من جامعة ويتواترسراند، ومع تقدم حياته المهنية، فكر مرة أخرى في تجارب طفولته مع البلاستيك والدور الذي لعبه التلوث البلاستيكي في موت العديد من أبقار والده. وبحلول التسعينات، كان بوثيليزي فناناً محترفاً، وظل مصمماً على استخدام هذا الابتكار في الفن لمصلحة الكوكب.
إذابة النفايات
ولايزال بوثيليزي يصنع أعماله الفنية باستخدام طريقة إذابة نفايات البلاستيك، ووظف طوال حياته المهنية فنه للتثقيف والتوعية بالنفايات البلاستيكية في العالم، وأقام معارض وشارك في مهرجانات، وقاد ورش عمل، وأقام معارض فنية في دول مثل ألمانيا، والولايات المتحدة الأميركية، وبربادوس، ومصر، وأستراليا، والمملكة العربية السعودية.
ويقول: «أنا مرآة مجتمعي، ومن المفترض أن أفكر في ما يحدث على الأرض التي أعيش عليها». وبالنسبة له فإن ما على الأرض هو البلاستيك. في مارس تحدث في منتدى العلوم والتكنولوجيا الوطني في جنوب إفريقيا حول هذا الابتكار التشكيلي، وفي نهاية العام شارك في مهرجان للفنون والبيئة في أبوظبي، وعلى الرغم من أن جهوده حظيت بإشادة واسعة النطاق فإنه يعتقد أنه لم يجد الدعم الكافي.
• كشفت دراسة أجريت عام 2015 أن البلاد كانت من أكبر 20 مساهماً في العالم في التلوث البلاستيكي البحري.
• بعد مرور خمسة عقود، لاتزال جنوب إفريقيا تعاني مشكلة تلوث بلاستيكي خطيرة، وفي عام 2018 انتهى الأمر بما وصل إلى 107 آلاف طن متري من النفايات البلاستيكية من جنوب إفريقيا إلى داخل البحر.