«والدي العزيز، لم تُظهر أعمالك الصالحة أبداً، ولم تتوقع أبداً أن تُكافأ، ولم تعلن أعمالك الخيرية وعطاءاتك أبداً للعالم.. كثيرون يعرفونك لعملك الإنساني، وكفاعل خير، لكنهم لا يعرفونك كأب»، بهذه الكلمات بدأت الشيخة لطيفة بنت حمدان آل مكتوم أولى صفحات كتابها الذي كتبته بكل ما تحمله من مشاعر تخالطت بين الحزن والفخر.
وفي مناقشة فاضت بالمشاعر، كشفت الشيخة لطيفة بنت حمدان بن راشد آل مكتوم في مهرجان الإمارات للآداب 2023 تفاصيل إهدائها الأدبي لوالدها الراحل، المغفور له، الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، في الجلسة التي تحدثت من خلالها عن كتاب «عبر عينيّ»، الذي قدمت فيه صورة شاملة ونادرة عن مسيرة الراحل، وإرثه الخالد من مبادئ الكرم، واللطف، والخير، والتقدم. وأكدت الشيخة لطيفة آل مكتوم عمق العلاقة التي كانت تربط والدها بأخيه صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والذي وصف الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم بالعضيد، حيث رثا أخاه ورفيق دربه عند وفاته بقصيدة تحمل عنوان «حمدان العضيد».
الأب وليس الشيخ
بدأت الشيخة لطيفة بنت حمدان آل مكتوم حديثها بتوضيح دوافعها من إصدار هذا كتاب «عبر عينيّ» قائلة «أردت أن يتعرف العالم إلى أبي، وليس الشيخ حمدان، وخلال فترة إعداد العمل كنت أعرف جيداً أنني أريد العالم أن يرى والدي بعينَيّ، حيث لا أراه قائداً إنسانياً كما يراه العالم، بل إنه أعمق بكثير مما يظهر عليه، وهو ما أردت إظهاره في هذا الكتاب».
ملك القلوب
«هو ملك القلوب والإنسانية»، كما وصفته الشيخة لطيفة، التي عكست ما رأته فيه ليس كقائد، بل كأب محب لأبنائه وشعبه، وصاحب الابتسامة الدائمة، والقلب الحنون، حيث كان المغفور له معطاءً بكل ما تحمله الكلمة من معنى، الأمر الذي ظهر بوضوح بعد وفاته في مارس 2021، وأشارت الشيخة لطيفة إلى أن والدها عرف بكونه قليل الكلام، إلا أن أعماله الخيرة امتدت للعالم.
وقالت الشيخة لطيفة: «لطالما كان والدي قليلاً في كلامه، إلا أن سيرته الطيبة كانت قد تركت أثراً كبيراً لدى كثير من الشعوب، وهو ما أدركناه جيداً بعد وفاته، حيث إنه بالنسبة لي.. كان والدي هو معلمي وفرحتي، وبالنسبة للعالم كان شخصية غيّرت حياة الكثيرين».
وأوضحت الشيخة لطيفة «عملت بكل ما لدي من طاقة مع فريق العمل لإعداد ونشر هذا الكتاب، ليتزامن مع ذكرى وفاته، حيث تم العمل على إعداد ونشر هذا الكتاب في ثلاثة أشهر فقط، والذي يعد وقتاً قياسياً، حيث دفعتني المشاعر العميقة التي أحملها لوالدي إلى أن أبذل كل ما بوسعي لإنجاز هذا الكتاب في الوقت المحدد».
طريقة مميزة
قامت الشيخة لطيفة بإعداد الكتاب بطريقة مميزة، حيث تم تصميمه بطريقة «ألبوم العائلة» تمكن كل من يقرأ الكتاب من أن يلقي نظرة على حياة المغفور له، الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، من منظور فريد، حتى إن الصورة المختارة بعناية كانت حميمة وخصوصية، وتضمنت صوراً نادرة من طفولة المغفور له، وبعض الصور العائلية النادرة التي تمت مشاركتها لأول مرة في هذا الكتاب، الذي تضمن إضاءات من مسيرة الراحل، حيث تم تسليط الضوء عليها من خلال فصول مختلفة، كطفولته التي لازم فيها والده المغفور له، الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، وإنجازاته المختلفة قبل ولادة الشيخة لطيفة، بالإضافة إلى ذكرياتها مع والدها في مراحل حياتها المختلفة، بدءاً من طفولتها.
وأكدت الشيخة لطيفة أن المغفور له، الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، كان رجل دولة استثنائياً، لم يأل جهداً قط في خدمة أمته وشعبه، كما كان قيادياً ملهماً أدرك أهمية العلم والتعليم والرياضة والثقافة، وبذل أقصى جهده لبناء وطنه وتنميته، وبرحيله، رحمه الله، فقدت الإمارات دعامة من ركائز المجتمع، ورائداً في العلوم والتعليم والصحة.
وفي مقدمة الكتاب.. خطت الشيخة لطيفة إهداء خاصاً لوالدها الراحل، قالت فيه: «أبي العزيز، لم تكن تحب أن تنشر أعمالك الصالحة أبداً، ولم تكن تنتظر الثناء والاحتفاء والشكر من أي شخص كان، يعرف الكثيرون عن مبادراتك الخيرية العظيمة، ودعمك اللامحدود للتعليم ونشر الثقافة، وحرصك على المبادرات الطبية والرياضية والمجتمعية، ولكنهم لا يعرفونك كأب، لذلك، عزيزي القارئ، أقدم لك نظرة على حياة والدي الخاصة من خلال عينيّ، وآمل أن تكون قادراً على رؤية الجانب المختلف الذي لم يظهره والدي، رحمه الله، للعالم الخارجي.
حلقات متسلسلة
يأخذ كتاب «عبري عيني» القرّاء في حلقات متسلسلة يبدأ بالفصل الأول الذي يتحدث عن بدايات الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، رحمه الله، وكيف تدرج في المناصب والمسؤوليات، ومن ثم تبدأ الشيخة لطيفة بسرد سيرة حياته من خلال منظورها الشخصي عبر ثلاثة فصول متسلسلة، هي «الطفولة، والمراهقة، والشباب».
• «أبي العزيز لم تكن تحب أن تنشر أعمالك الصالحة أبداً، ولم تكن تنتظر الثناء والاحتفاء والشكر من أي شخص».
«وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة.. وأمي خير مثال على ذلك»
أشارت الشيخة لطيفة آل مكتوم إلى دور والدتها في تحفيزها ودعمها اللامحدود في جميع مراحل حياتها، خاصة خلال الإعداد لهذا الكتاب العزيز، وقالت: «كانت والدتي تتابع معي جميع مراحل الكتاب والصور التي تم اختيارها، حيث كانت الوحيدة التي تابعت معي تفاصيل هذا الكتاب منذ بدايته، إلا أنني قمت بمفاجأتها عند إصداره».
وقالت: «لقد ترددت في بداية الأمر، حيث لم تكن لدي الرغبة في إصدار كتاب، ولكن بعد اجتماعين تم إجراؤهما بهذا الخصوص مع فريق العمل، ذهبت إلى والدتي التي بدورها شجعتني على تنفيذ هذه الفكرة، وكان لها دور كبير في إنجازي هذا الكتاب العزيز على قلوبنا جميعاً».
الفصل الأخير
أكدت الشيخة لطيفة بنت حمدان آل مكتوم، أن هناك فصلاً واحداً من هذا الكتاب لم يتم نشره، هو الفصل الأخير، وقالت: «أذكر أنني كنت في اجتماع عبر (زوم) مع فريق العمل، وكنا نتحدث عن هذا الفصل، وفور انتهائي من الاجتماع، بدأت بالكتابة لوقت طويل، إلى أن وصلت إلى سبع صفحات، وكنت أشعر بالإرهاق حينها، فأغلقت الجهاز، ولم أعد فتحه حتى اليوم».
وأضافت «تواصلت مع أحد أفراد طاقم العمل في اليوم التالي، وقلت له إنني لا أستطيع نشر ما كتبته، وأنا سعيدة بهذا القرار، لأنني أردت أن تكون نهاية الكتاب سعيدة».
6 رجال
وختمت سمو الشيخة لطيفة آل مكتوم الجلسة بكلمات مؤثرة، قالت فيها: «ذهب رجل واحد، ولكنه ترك خلفه ستة رجال لمواصلة إرثه»، مؤكدة استمرارها وإخوتها في مواصلة ما قدمه المغفور له الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم من إنجازات للعالم.
وتمكن الحضور في نهاية الجلسة من مشاركة مشاعرهم الصادقة مع سموها، والتعبير عن مواقفهم الخاصة تجاه المغفور له الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، وحبهم له، وقامت في نهاية الجلسة بتوقيع نسخ من كتابها للحضور.