بين قوة الإبهار والتأثير، وأسرار علم الشخصيات وتطويرها، يركز خبير تطوير المهارات والباحث في علم النفس، الدكتور محمد الخالدي، على كيفية استكشاف الذات، والتطوير من أجل الوصول إلى مرحلة الإبهار، معتبراً أن كثرة متابعيه على وسائل التواصل (أكثر من ثلاثة ملايين متابع) مسؤولية كبيرة يتمنى أن يكون على قدرها، ليترك أثراً طيباً لدى هؤلاء المتابعين.
الخالدي الذي حلّ ضيفاً على دبي، أخيراً، اشتهر بإصدارات وبرامج ودورات تدريبية ومقاطع يقدمها على منصّات التواصل الاجتماعي، تتناول كيفية تطوير «الكاريزما» وإمكانات الاستفادة من الجاذبية الشخصية، فضلاً عن تقديمه أسرار لغة الجسد، وتنمية القدرات الفكرية لتحويل الشخص العادي إلى صاحب «كاريزما» متميز، مؤكداً أن من يتصدى لتقديم تلك الدورات لابد أن يكون متخصصاً، وممتلئاً بالعلم، وليس الذي ينشد «البيزنس» والمكسب فحسب.
وقال الخالدي لـ«الإمارات اليوم»، عن مفهوم «الإبهار» الذي يقدمه في كتبه ومحاضراته، إن «قوة الإبهار هي مرحلة ما بعد التميز، حيث يصل الإنسان إلى مرحلة يستطيع من خلالها لفت أنظار الآخرين بطريقة حقيقية، فلا يكون الجذب بسبب القشور بل من خلال العمق أيضاً»، معتبراً أن «المشكلة التي يعانيها كثيرون أنهم يسعون لأن يكونوا كالقمر، والذي هو جميل من بعيد ولكن كلما اقتربنا منه نكتشف أنه مكان موحش.. وهكذا معظم العلاقات».
اهتمام لافت
ووصف الخبير السعودي كتابه عن قوة الإبهار بالتطويري الذي يركز على تنمية المهارات وهو مطعّم بعلم النفس، مضيفاً: «من الجميل أننا نشهد الاهتمام بتطوير المهارات في هذا العصر، فقبل عقود كان التركيز على أن يكون الإنسان أداة إنتاج كالآلة، ونخبة المجتمع هم الذين حظوا بفرصة أن يكونوا مبدعين، فالمعلومات في التطوير كانت حصراً عليهم، ولكنها اليوم باتت متاحة للجميع، وبدلاً من أن يكون الإنسان آلة إنتاج بات المبدع والمطوّر لمهاراته».
وأوضح الخالدي – الحاصل على دكتوراه في مجال إدارة التغيير والقيادة الملهمة، وعلى دبلوم في علم النفس – أن «معظم الدراسات التي تقوم على التطوير والتغيير تستند إلى دراسات نفسية».
ويفرق الخالدي بين علم النفس وتطوير الذات، فمهمة علم النفس الرئيسة هي تحويل الشخص الذي يعاني اضطرابات أو أمراضاً إلى شخص سوي يركز على التعامل مع الذات ومعالجة مشكلات الطفولة والصدمات، بينما مهمة تطوير الذات تحويل الشخص العادي إلى مميز، إذ يجمع بين العلمين، ويقدم طريقة التعامل مع الذات والتعامل مع الآخرين والمواقف والمستقبل.
ورأى أنه إلى جانب التغيير، لابد من أن يتحلى المرء بالذكاء العاطفي «الذي يدل على قدرة الإنسان على التعامل مع مشاعره الداخلية، وعدم الانجرار للانفعالات، إذ يعمل الشخص على تقييم الرغبات والتأني قبل الإقدام على أي تصرف».
التطبيق هو الفيصل
أما عن أهمية الدورات والبرامج والكتب في إحداث تغيير في الشخصية، فأشار الخالدي إلى أنه يشبه من يقرأ كتب ودورات التطوير بمن يطالع كتب الطبخ، فمن يقرأ الوصفة دون أن يطبقها سيموت جوعاً، ولكن من ينفذ الوصفة سيأكل أشهى وجبة، وهكذا الدورات تحدث فرقاً مبهراً حين يستمع إليها المرء ويطبقها.
ونبّه إلى أن وجود الخيارات الكثيرة من تلك الدورات على وسائل التواصل الاجتماعي، تتطلب من الجمهور النظر إليها من خلال «الفطرة الإنسانية»، فلا يتوجه إلى ما يخالف القيم السامية، لأن كل ما يتعارض معها يتطلب إعادة النظر به. ونوّه بأن الجانب التجاري موجود في أي مجال، ولكن أساس تقديم الدورات هو أن يكون الإنسان قد امتلأ علماً من القراءة والخبرات الحياتية، ويستطيع أن يعلّم الآخرين ووجد في التعليم فرصة لتحقيق دخل، أما من يتجه إلى هذا المجال بهدف الكسب المالي فسيتخبط، على حد تعبيره.
وحول منصّات التواصل الاجتماعي والتعاطي مع أكثر من ثلاثة ملايين متابع، فذكر الخالدي أن «أكثر ما يؤثر فيه ويأخذ جزءاً من تفكيره هي هذه المنصّات، إذ يعتبرها مسؤولية كبيرة، وقد تطول وتدوم أكثر من عمره»، متمنياً أن يكون هذا الوجود ذا أثر طيب، والذي كان قديماً يكون عبر الكتب، بينما في هذا العصر يبقى الأثر الطيب من خلال المقاطع والفيديوهات التي تُنشر باستمرار وتتجدد إلى ما لا نهاية.
محمد الخالدي:
• مهمة علم النفس تحويل من يعاني اضطرابات إلى شخص سوي، بينما تطوير الذات فمهمتها تحويل الشخص العادي إلى مميز.
• أتمنى أن تترك المقاطع التي أنشرها على منصّات التواصل أثراً طيباً على المتابعين.
عن «الكاريزما»
قدم الدكتور محمد الخالدي، أخيراً، محاضرة في متحف الاتحاد، ضمن فعالية «حديث المكتبات»، الذي تنظمه هيئة الثقافة والفنون في دبي (دبي للثقافة)، وتناول فيها طرق رفع «الكاريزما» والجاذبية الشخصية، ورفع الهيبة وكسب محبة واحترام الجميع، فضلاً عن مهارات التعامل مع الشخصيات وفنون الإبهار. وأشار إلى أن علاقته بدولة الإمارات عميقة وقوية، إذ يقدم سلسلة دورات لجهات حكومية منذ أكثر من ثماني سنوات، كما درّب أكثر من 3000 معلم ومعلمة.