بعد سبع سنوات من الصراع مع الأوهام، ومزج الواقع بالخيال، وتلتها سنوات أخرى في رحلة علاجية من مرض الذُّهان، انتصرت الكاتبة الإماراتية شيماء أحمد بشجاعة على المرض، ليكون دخولها المصحة النفسية للعلاج سبباً في دخولها عالم الكتابة، حيث قصّت رحلتها في كتاب حمل عنوان «مذكرات مجنونة». قدمت أحمد تجربتها في باكورة أعمالها مستعينة بأسلوب الكتابة الحر، لتعمل على صقل مهاراتها في الكتابة من خلال ورش العمل، وتُصدِر أخيراً كتابها الثاني «حول إبريق الشاي».
قصة ومعاناة
قدمت الإماراتية شيماء أحمد من خلال «مذكرات مجنونة» قصتها ومعاناتها مع مرض الذهان، وتحدثت عن دخولها عالم الكتابة، قائلة: «حصلت على الماجستير في إدارة الأعمال، ولكن إصابتي بمرض الذهان، هي التي جعلتني أدخل عالم الكتابة، إذ رويت قصتي الواقعية في الكتاب الأول». وأضافت: «كان عالم الكتابة مبهراً بالنسبة لي منذ زمن، ولم أفكر جدياً في إصدار أي كتاب، لأن الكتابة تحتاج إلى محتوى قوي، وليس فقط قلماً جميلاً، ولكن حين تعافيت من الذهان، أيقنت أنني صاحبة قصة استثنائية تستحق أن تُروى، ويمكن أن يستفيد الناس منها». يقع الكتاب في 150 صفحة، قدمته أحمد من خلال الكتابة الحرة، موضحة أنها نقلت من خلال فصوله تفاصيل معاناتها مع المرض منذ فترة ظهور الأعراض حتى التعافي. ولفتت أحمد إلى أن بداية الرواية تنقلنا إلى بداية أعراض مرضها، والتي بدأت معها في سن 23، حيث بدأت الأوهام تنتابها حول زملائها في العمل وبأنهم يحيكون مؤامرات ضدها، ثم راحت تتوهم وجود كاميرات تراقبها، إلى أن تطورت الأوهام لتتخيل نفسها نجمة في تلفزيون واقع، وترى تفاصيل حياتها، كما لو أنها أخبار عاجلة، معبرة عن بشاعة هذا المرض، وكيف يسلب الإنسان من أبسط حقوقه، وكيف تطور معها إلى أن فكرت بالانتحار.
الأوهام
وأشارت أحمد إلى أن الأوهام تطورت معها مدة سبع سنوات، دون أن تخضع لتشخيص طبي، موضحة أن التشخيص بدأ عندما ذهبت إلى مقر الشرطة كي تقدم بلاغاً بكل ما تتعرض له من مؤامرات، فلم تقتنع الشرطة بالقصة، وقامت بالعديد من الأبحاث مع العائلة إلى أن استدرجتها إلى المصحة النفسية، وبدأت مرحلة التشخيص والعلاج.
نوهت أحمد بأن الكتاب يشتمل على مرحلة التشخيص والعلاج، وليس فقط الأوهام التي كانت تعانيها، معتبرة أنها في البدء لم تكن تعرف أنها مريضة، وبعد ستة أسابيع من العلاج تم إطلاق سراحها واستعادت حريتها، واصفة سعادتها العارمة بالخروج من المصحة، إذ وصلت نسبة التعافي من المرض إلى 60%، لتتابع العلاج في المنزل وتتعافى بنسبة 100% بعد خمس سنوات. وأكدت الكاتبة الإماراتية، أن هذه التجربة علمتها أن على الإنسان أن يساعد نفسه بالدرجة الأولى، مهما وصل إلى مرحلة من الضعف، فهي قد ساعدت نفسها من خلال التزام الأدوية التي كانت تحمل أعراضاً جانبية قاسية جداً، ومنها التململ والمعاناة قبل النوم، والشعور بعدم الراحة على نحو دائم.
شفاء تام
أكدت شيماء أنها شفيت تماماً من المرض، لكنها لم تتوقف عن تناول الأدوية، لأن التوقف عن العلاج يسبب لها انتكاسة، موضحة أن الصحة النفسية مهمة جداً، ولهذا تعمدت أن تقدم هذه الرسالة للمجتمع من خلال الكتاب. ونوهت بأن ما نسبته 1% من سكان العالم يصابون بالفصام، وهو أكثر شدة من الذهان، معتبرة أن الحياة باتت معقدة وتتبدل، وليس عيباً أن يلجأ المرء إلى الطبيب النفسي حين يواجه مشكلة نفسية معينة.
وأشارت أحمد إلى أنها تشعر بالفخر لما حققته، خصوصاً بعد تعافيها، موضحة أن المرض قد حرمها تحقيق الإنجازات الكبيرة على المستوى المهني، بسبب انقطاعها عن العمل من أجل العلاج، ولكنها عوضت ذلك من خلال دخولها مجال الكتابة، إذ قدمت إلى اليوم إصدارين. ومن كتاب «مذكرات مجنونة»، انتقلت أحمد إلى عالم القصص القصيرة، وصدر لها أخيراً «حول إبريق الشاي»، الذي قدمته بعد أن خضعت للعديد من الدورات في الكتابة، مبينة أن الكتاب يحتوي على 16 قصة، تتباين بين القصص العميقة والفلسفية والقصص المرحة، مع الإشارة إلى أن بعض القصص واقعي، والآخر خيالي.
وإلى جانب الكتابة تعمل شيماء أحمد على نشر الوعي حول المرض، من خلال منصات وسائل التواصل الاجتماعي، منوهة بأنها تقدم محتوى اجتماعياً، ومحتوى خاصاً بالصحة النفسية، إذ تسعى من خلال الفيديوهات التي تنشرها إلى أن تقدم تجربتها الشخصية التي تعتبر مفيدة للناس، وقد تلقت الكثير من الرسائل من مرضى يعانون أمراضاً نفسية متباينة، منها الفصام وثنائي القطب. وأكدت أن الناس لا تعيش حياتها بصورة مثالية، فالجميع قد يتخبط في فترة من الفترات، ولهذا لابد من أن يبدأ المرء بالإنجاز في أي مرحلة دون أن يشعر بأن السن تشكل عائقاً.
شيماء أحمد:
• حين تعافيت من «الذهان»، أيقنت أنني صاحبة قصة استثنائية تستحق أن تُروى، ويمكن أن يستفيد الناس منها.
• الحياة باتت معقدة وتتبدل، وليس عيباً أن يلجأ المرء إلى الطبيب النفسي حين يواجه مشكلة نفسية معينة.
• لابد من أن يبدأ المرء بالإنجاز في أي مرحلة دون أن يشعر بأن السن تشكل عائقاً.
مشروع كتاب عائلي
تعمل الكاتبة شيماء أحمد على التحضير لمشروع كتابها الجديد، الذي تتشارك به في التأليف مع أفراد العائلة، إذ تختار في كل أسبوع قضية، ومن ثم تكتب هي وشقيقاتها قصة قصيرة عن القضية، وستعمل في النهاية على جمع القصص في كتاب واحد. ولفتت إلى أن الكتاب يتسم بكونه يجمع أفراد العائلة، وأيضاً بالاختلاف في أسلوب كل شخص، والتنوع بين السرد السريع أو الكتابة العميقة، موضحة أنها بدأت بتأليف روايتها الجديدة أيضاً.
لمشاهدة فيديو الكاتبة شيماء أحمد، يرجى الضغط على هذا الرابط.