تشير دراسة بحثية جديدة نُشرت مؤخرا إلى أن الابتعاد عن السكر في السنوات الأولى من حياتنا يمكن أن يكون له فوائد هائلة في المستقبل، مثل تقليل خطر الإصابة بمرض السكري من النوع 2 بعد عقود من الزمن. ووجدت بعض الأبحاث أن الإفراط في إضافة السكر قد يكون ضارًا بشكل خاص أثناء نمونا المبكر، بما في ذلك داخل الرحم وأثناء إرضاعنا من أمهاتنا. ولكن وفقًا لباحثة الدراسة تاديجا جراسينر، لم تكن هناك بيانات قوية حول التأثيرات طويلة المدى لهذه التعرضات المبكرة للسكر المضاف لدى الناس – حتى الآن على الأقل.
وقالت جراسينر، وهي عالمة واقتصادية في جامعة جنوب كاليفورنيا ومؤسسة راند، لموقع جيزمودو: "هذا ليس مفاجئًا، لأنه من الصعب للغاية العثور على مواقف يتعرض فيها الناس بشكل عشوائي لبيئات غذائية مختلفة. الأمر أكثر صعوبة عندما تفكر في حدوث ذلك في وقت مبكر من الحياة ومتابعته على المدى الطويل".
ولكن لحسن الحظ، تمكنت جراسنر وزملاؤها من العثور على مثل هذا الحالات عبر النظر في ملفات المملكة المتحدة منذ أكثر من 70 عامًا، مما أدى إلى خلق نوع من التجربة الطبيعية. فخلال الحرب العالمية الثانية، كانت الأطعمة الحلوة والحلويات مقننة بشكل صارم في البلاد، مما يحد من كمية السكر التي يمكن للمقيم العادي (بما في ذلك الأمهات الحوامل أو المرضعات وأطفالهن) استهلاكها في ذلك الوقت. وانتهى هذا التقنين الذي استمر عقدًا من الزمان في عام 1953، ومعه تضاعف استهلاك الناس للسكر بعد فترة وجيزة تقريبًا.
حللت جراسنر وفريقها البيانات من البنك الحيوي في المملكة المتحدة، وهو مشروع بحثي طويل الأمد يتابع صحة المقيمين في المملكة المتحدة لسنوات عديدة. وقارنوا النتائج الصحية للأشخاص الذين تم الحمل بهم قبل وبعد انتهاء عصر التقنين مباشرة. وأشارت جراسنر إلى أن "البيئة التي درسنا فيها هذه الأسئلة لم تكن بيئة الحرمان الشديد من الطعام، مثل المجاعة أو تقييد السعرات الحرارية الشديد. أظهرت بياناتنا أن قيود الغذاء المقننة سمحت بدلاً من ذلك باتباع نظام غذائي ضمن الإرشادات الغذائية اليوم".
ووجد الباحثون أن الأشخاص الذين ولدوا خلال فترة التقنين كانوا أقل عرضة للإصابة بمرض السكري من النوع 2 وارتفاع ضغط الدم بشكل ملحوظ مقارنة بمن ولدوا بعده مباشرة. وحتى لو أصيبوا بهذه الحالات، فقد استغرق الأمر وقتًا أطول حتى تحدث. وبشكل عام، حسب الباحثون أن تقنين السكر في وقت مبكر من الحياة يقلل من خطر إصابة الأشخاص بارتفاع ضغط الدم بنسبة 20٪ وخطر إصابتهم بمرض السكري بنسبة 35٪. ويبدو أن التقنين يؤخر ظهور هذه الحالات لمدة عامين وأربعة أعوام على التوالي. ونشرت نتائج الدراسة في مجلة ساينس، حيث وجد الباحثون أن ثلث الحد من المخاطر وحده يمكن أن يعزى إلى انخفاض التعرض للسكر في الرحم، على سبيل المثال. وكانت التأثيرات الوقائية للتقنين أقوى عندما استمر تعرض الأطفال المحدود للسكر بعد سن ستة أشهر، أي في الوقت الذي يبدؤون فيه في تناول الأطعمة الصلبة. وقالت جراسنر "إن هذا يشير إلى أن تقييد السكر خلال تلك الفترات المحددة من الحياة من المرجح أن يوفر أكبر فائدة" مشيرة أنه "هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة لتخفيف قبضة السكر علينا."
وتضيف: "ينبغي لنا أيضًا أن نحمل الشركات المسؤولية عن إعادة صياغة أغذية الأطفال بخيارات أكثر صحة وتنظيم تسويق وتسعير الأطعمة غير الصحية التي تستهدف الأطفال. ومع وجود معلومات أفضل وبيئة وحوافز مناسبة، يمكن للآباء تقليل التعرض للسكر بسهولة أكبر – لأطفالهم ولأنفسهم".