اسم له وقعٌ في ميكروفونات الإذاعة، وأمام كاميرات التلفزيون، فقد دخلت حصة حسن يحيى العسيلي بيوت كل الإماراتيين، وحفظوا صوتها جيداً منذ سنوات طوال، فهو الصوت الذي رافق ثلاثة أجيال من الإماراتيين.
وهي واحدة من السيدات الرائدات في دولة الإمارات العربية المتحدة، ومن طليعة المتعلمات في الدولة؛ حيث حصلت من القاهرة على ليسانس آداب لغة عربية ودراسات إسلامية من جامعة عين شمس، وعلى دبلوم الدراسات العليا في الأدب العربي، لكنها قاتلت كثيراً في هذه الحياة لتصل إلى ما وصلت إليه، وليلقبها الكثيرون بـ«أم الإعلام».
ولدت حصة عام 1950 بفريج السودان قرب حصن الشيوخ الكبير، المعروف حالياً بمتحف الحصن في إمارة الشارقة، في بيت أحمد العسيلي شقيق جدها يحيى العسيلي الطواش والنوخذة وتاجر اللؤلؤ ورجل العلم الذي تتلمذ على يديه العديد من رجالات الشارقة.
درست حصة المرحلة الابتدائية في مدرسة الزهراء التي كانت ملاصقة لبيت العائلة الكبير، وفي تلك الفترة من حياتها توفيت والدة حصة، وتعرض والدها لإصابة أقعدته عن العمل، ما اضطرها لتحمل المسؤولية، ودخول سوق العمل وهي في سن الـ15، فعملت في إذاعة صوت الساحل من الشارقة، وهي لاتزال على مقاعد الدراسة عام 1965. وقبل إغلاق إذاعة صوت الساحل بعام، وتحديداً في سنة 1969، وكانت وقتذاك قد تخرجت في مدرستها الثانوية، تصادف أن افتتحت دولة الكويت ما عـُرف بـ«تلفزيون الكويت من دبي»، فانتقلت حصة للعمل في هذا الجهاز بمقره في مبنى وزارة الإعلام بمنطقة القصيص من دبي، لتطل على الناس صورة وصوتاً من بعد سنوات كانوا يعرفونها فيها بالصوت وحده. وحينها لم تعد حصة أول وأصغر مذيعة إماراتية في الإعلام المسموع فحسب، وإنما صارت أيضاً أول مذيعة ومقدمة برامج إماراتية في الإعلام المرئي، وهو ما أهلها لاحقاً للانتقال إلى عاصمة الدولة لتكون كبيرة مذيعي ومذيعات تلفزيون وإذاعة أبوظبي، اللذين كانا قد دشنا البث في عام 1969.
كانت حصة العسيلي أول امرأة عربية تتولى منصب مفوض عام لجناح دولة عربية (دولة الإمارات العربية المتحدة) في المعارض العالمية (إشبيلية بإسبانيا عام 1992، ولشبونة بالبرتغال عام 1998).
وأول امرأة عربية يتم اختيارها عضواً في اللجنة العليا للتسيير، والإشراف على إكسبو هانوفر 1998. وشاركت في أكثر من 150 معرضاً عالمياً باسم دولة الإمارات.
في حوار صحافي معها، من حوارات كثيرة، تسترجع العسيلي ذكرياتها عن رحلة الانطلاق الإعلامي عام 1965 في إذاعة صوت الساحل، حين بدأت مغامرة العمل وهي طالبة على مقاعد الدراسة، فتقول: «مقر الإذاعة لم يكن سوى غرفة بث مقرها المحطة، وهو مطار الشارقة القديم، الذي يعرف حالياً بمتحف المحطة بمنطقة القاسمية بالشارقة، وكانت رحلتي الإذاعية تبدأ من الرابعة عصراً وحتى العاشرة ليلاً، وفي الفترة الصباحية كانت المدرسة هي شغلي الشاغل، وكنت أقدم في بعض الأحيان نشرة الأخبار، وبرنامج (ما يطلبه المستمعون)، وهو برنامج مخصص لطلبات المستمعين من الأغاني التراثية والشعبية الإماراتية في ذلك الوقت، وكان معظم تلك الأغاني يبث عن طريق شرائط وبكرات قديمة».
ولأن تاريخ الإمارات لا يغفل أبناءه الرواد، فقد دوّن اسمها كأول مذيعة إماراتية، وبهذه الصفة تمّ تكريمها في دبي ضمن «أوائل الإمارات» عام 2014، وتكريمها في الشارقة بجائزة «تريم عمران الصحفية» عام 2007، كما حصلت على جائزة المرأة العربية (فئة الإعلام) عام 2014، وصارت تُعرف في الأوساط الإعلامية الإماراتية باسم «أم الإعلام»، وهو لقب كثيراً ما صرّحت حصة بأنها تعتز به أكثر من أي لقب آخر.
وصفت حصة القاهرة، التي عاشت فيها في كنف أسر مصرية مثقفة، كأسرة الدكتور عبدالقادر القط وأسرة إقبال بركة رئيسة تحرير مجلة حواء، ببيتها الثاني، فهي لم تحقق حلمها في مواصلة دراستها العليا فحسب، وإنما حققت أيضاً حلماً كان يراودها منذ الصغر وهو الدراسة في القاهرة، مدينة الروايات والشعر والغناء والسينما، وهو ما ترك تأثيراً جلياً في شخصيتها وثقافتها وقدراتها.
تعمل حصة العسيلي منذ 2014 حتى الآن في إذاعة «الأولى»، وتعد وتقدم برنامجاً أسبوعياً ثقافياً بعنوان «الأولى مع الأولى».