تنادي الأفيال الأفريقية البرية بعضها البعض بأسمائها، وفقًا لدراسة نشرت أمس في مجلة Nature Ecology & Evolution، مما يجعلها الحيوانات غير البشرية الوحيدة المعروفة باستخدام لغة كهذه.
وقال عالم البيئة السلوكية ميكي باردو، زميل ما بعد الدكتوراه في جامعة كورنيل والمؤلف الرئيسي لهذه الدراسة، التي أجريت بالتعاون مع سبعة باحثين آخرين: «أعتقد بصراحة أننا خدشنا سطح الأمر للتو».
إذ من المعروف أن الفيلة تعيش في مجموعات اجتماعية متماسكة، تتمحور حول قطعان أمومية من الإناث وعجولها، إنهم يشكلون روابط قوية مع الشبكات الاجتماعية التي تربط ما يصل إلى 50 فيلًا أو أكثر حيث تعتبر«علاقاتهم الاجتماعية جزء مهم للغاية من بيئتهم».
ومثل البشر، لا تكون الأفيال دائمًا قريبة جسديًا من أفضل أصدقائها وعائلتها، وهي بفضل مسالكها الصوتية الضخمة، يمكنها أن تصدر أصواتًا عالية ومنخفضة التردد تنتقل عبر الأرض كموجات زلزالية تصل إلى الأفيال على بعد يصل إلى 6 كيلومترات، على تلك المسافة، بعيدًا عن الأنظار، يحتاج المتصل إلى الإشارة إلى من يوجه رسالته إليه.
وهو ما دفع باردو للتساؤل عما إذا كانت العلاقات الاجتماعية المعقدة للأفيال، والحاجة إلى التعرف على بعضها البعض من مسافة بعيدة، دفعت الأفيال إلى تعلم مناداة بعضها البعض بأسمائها.
لمعرفة ذلك، سجل باردو أصوات الأفيال من مجموعات من الإناث البرية البالغة وعجولها عبر موقعين ميدانيين في كينيا، مع ملاحظة أي فيل كان ينادي ومن كانوا ينادون، وركز الباحثون على الدمدمة الغنية ومنخفضة التردد التي تستخدمها الأفيال لنداء بعضها البعض من مسافة بعيدة، ولتحية بعضهم البعض عن قرب، ولتهدئة أطفالهم.
وقام الفريق بتدريب خوارزمية للتعلم الآلي لمطابقة النداءات الهادرة مع الفيل، وعندما أعطيت هديرًا غير مسمى، تمكنت الخوارزمية من تخمين هوية الفيل المتلقي بدقة تبلغ 27.5%، وهو رقم أفضل بكثير من الصدفة، حيث لا يتوقع العلماء أن يكون النموذج دقيقًا تمامًا، كما أنه من المحتمل أنهم لا يقولون أسماء بعضهم البعض في كل مرة يثرثرون فيها على بعضهم البعض.
كانت أصوات التحية – التي تعادل قول الفيل «مرحبًا» – هي الأسوأ في التنبؤ بهوية المتلقي، وهو أمر منطقي. ومن المحتمل أن أدوات التعلم الآلي المستخدمة في هذه الدراسة لم تتمكن ببساطة من التقاط جميع الفروق الدقيقة في الأصوات، فقد اعتمدوا على خوارزمية التعلم الخاضعة للإشراف، والتي خصصت التسجيلات لتسميات الأسماء المحددة مسبقًا، بدلاً من اكتشاف الأنماط من تلقاء نفسها. وفي المستقبل، يمكن لتقنيات أخرى مثل التعلم العميق أن تكشف المزيد، ولكنها ستتطلب المزيد من بيانات التدريب.
ويعتقد الباحثون أن تطوير هذه التجربة سيساعد في تراجع استهداف الفيلة بالصيد لأسباب مختلفة، وكتب جوشوا بلوتنيك، الأستاذ الذي يدرس تطور الإدراك عبر الأنواع في جامعة إيموري: «كلما تعلمنا أكثر عن سلوك الفيل واحتياجاته، أصبحت استراتيجيات تخفيف الصراع أكثر استنارة، مع الأخذ في الاعتبار وجهة نظر كل من البشر والأفيال». في رسالة بريد إلكتروني.
من الناحية النظرية، يمكن لنتائج مثل التي توصل إليها باردو أن تفتح الباب أمام التواصل الحرفي بين الإنسان والأفيال. وبشكل أكثر واقعية، يأمل أن يلهم ذلك الناس للاستثمار في جهود الحفاظ على الأفيال وإعادة التفكير في علاقاتهم مع الأفيال – سواء في موطنهم الأصلي أو في الأسر.