تعهد رئيس وزراء اليابان، فوميو كيشيدا، والأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، ينس ستولتنبرغ، بمزيد من تعزيز التعاون بين الجانبين، وذلك خلال اجتماع عقد أمس، في العاصمة اليابانية طوكيو، بحسب بيان مشترك، في وقت أدت سياسة الصين في المحيطين الهندي والهادئ اكتساب واشنطن المزيد من الحلفاء.
وغرّد ستولتنبرغ عبر موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي، عقب الاجتماع، بأن اليابان «شريك قوي من أجل السلام».
وأضاف: «معاً نستطيع أن نتعامل مع التحديات المشتركة، وبينها حرب روسيا (على أوكرانيا)، وتصرفات الصين القمعية، وسنفعل ذلك».
وجاء في البيان المشترك: «يمر العالم بمنعطف تاريخي في بيئة أمنية هي الأشد حدة وتعقيداً منذ نهاية الحرب العالمية الثانية»، مشيراً إلى الحلف واليابان على أنهما «شريكان موثوقان ومحايدان»، يتبنيان قيماً مشتركة.
وأضاف البيان أن الحرب في أوكرانيا «حطمت السلام، وزعزعت أسس النظام الدولي القائم على القواعد. كما غيرت، على نحو خطير، البيئة الأمنية في منطقة أوروبا والمحيط الأطلسي، وما وراءها».
وأكد الجانبان: «تحول ميزان القوى في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، على نحو سريع»، وقالا إن «تغيير الوضع الراهن بشكل أحادي، باستخدام القوة أو عبر القمع، غير مقبول في أي بقعة من العالم».
وقال البيان: «نقر بالرباط الوثيق بين الأمن في منطقتي أوروبا والأطلسي، والمحيطين الهندي والهادئ، ونشدد على ضرورة استمرار تعزيز التعاون بين اليابان وحلف شمال الأطلسي».
في هذا السياق، نشرت مجلة «فورين أفيرز» تحليلاً سياسياً حول التحالفات في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، أوضحت فيه أن اليابان أصدرت في ديسمبر 2022، أول استراتيجية للأمن القومي منذ ما يقرب من 10 سنوات، حيث أن هذه الاستراتيجية تطالب طوكيو بتعزيز التحالف الأميركي الياباني «في جميع المجالات». وأشارت إلى أن اليابان ليست وحدها، فعلى مدى نصف العقد الماضي، عمّق جميع حلفاء الولايات المتحدة تقريباً عبر المحيطين الهندي والهادئ شراكاتهم مع واشنطن وشكلوا تحالفات جديدة مع بعضهم بعضاً.
في المقابل، أعرب الرئيس الصيني، شي جين بينغ، عن رغبته في انسحاب الولايات المتحدة من المحيطين الهندي والهادئ، وأيدت حكومته تقليد الصين الطويل في التعبير عن العداء تجاه تحالفات واشنطن، التي تشكل أساس الوجود الأميركي في المنطقة.
جادل العديد من المحللين بأن بكين لديها استراتيجية منضبطة ومتماسكة لدق (إسفين) بين الولايات المتحدة وحلفائها في المحيطين الهندي والهادئ.
ولكن تقول المجلة إن جهود بكين لتفكيك التحالفات الأميركية غير متماسكة وغير منضبطة، ما أدى إلى تعزيز التحالفات الأميركية في المنطقة بدلاً من إضعافها، وتنتج تحالفاً نشطاً بقيادة الولايات المتحدة يستعد لتقييد بكين لسنوات مقبلة.
لقد انحرف طموح بكين في عزل واشنطن عن حلفائها الآسيويين عن مساره إلى حد كبير، فبدلاً من الاستمرار في التركيز على أهدافها الاستراتيجية طويلة المدى، أصبحت الصين منشغلة بتحقيق مكاسب تكتيكية على المدى القريب في كل من نزاعاتها الإقليمية مع جيرانها وسعيها إلى احترام الدول الأخرى.
ونتج عن هذه الدوافع أخطاء استراتيجية كبيرة، ولم يفضِ سعي الصين لتحقيق الأفضلية الإقليمية في أي مكان إلا إلى تقويض جهودها لإضعاف تحالفات الولايات المتحدة في بحر الصين الجنوبي.
في العلاقة مع الفلبين، أعادت بكين تأكيد سلطتها علناً لإدارة المناطق المتنازع عليها، وهددت إحدى سفنها البحرية سفينة فلبينية، فأهدرت في عام 2020 فرصة ذهبية لتفكيك عنصر مركزي في التحالف بين الولايات المتحدة والفلبين.
يمكن رؤية نفس الاتجاه غير المجدي لإعطاء الأولوية للمصالح الإقليمية على الأهداف الاستراتيجية في علاقة الصين مع اليابان.
على مدى العقد الماضي، أنشأت الصين وجوداً شبه عسكري شبه دائم حول جزر سينكاكو المتنازع عليها، والتي يطلق عليها الصينيون جزر دياويو، وبذلك، غذت بكين شكوك اليابان في الصين ودفعت طوكيو أقرب وأقرب إلى واشنطن.
كما ساعد سعي الصين لتحقيق ميزة إقليمية على ظهور نوع جديد من التحالف الأولي، من خلال دفع الهند غير المنحازة إلى الحوار الأمني الرباعي، وهو تحالف فضفاض يضم أيضاً أستراليا واليابان والولايات المتحدة.
وقال التحليل «أهدرت بكين نفوذها مع سيؤول بعد تجربة نووية كورية شمالية في يناير 2016. وأجبر الاختبار سيؤول على بدء مناقشات مع واشنطن حول نشر نظام THAAD، ما دفع بكين لبدء تهديد سيؤول والشروع في نهاية المطاف في حملة شاملة من العقاب الاقتصادي». كما انتجت طريقة الحكومة الصينية العقابية المزيد من ردود الفعل السلبية في أستراليا.
قبل 10 سنوات، كانت كانبيرا تحاول جاهدة تحقيق التوازن بين الصين، أكبر شريك تجاري لها ومصدر مهم للاستثمار، والولايات المتحدة، شريكها الأمني الرئيس.
لكن علاقة الصين بأستراليا بدأت في الانهيار بعد أن نشر الصحافيون سلسلة من القصص التي تكشف عن المدى المزعج للتدخل الصيني في المجتمع والسياسة الأستراليين.
وعندما أقرّت كانبيرا تشريعاً لمكافحة التدخل في عام 2018، لحقتها العقوبات الصينية.
على الرغم من أن بكين ربما تستيقظ، أخيراً، على الضرر الهائل الذي أحدثته دبلوماسيتها، لكن من غير المرجح أن تختفي حاجة الصين الواضحة لمعاقبة من يخالفون سياستها، حتى لو أدى هذا الاتجاه إلى تقويض تطلعات بكين الاستراتيجية على المدى الطويل.