الرئيسية سياسة العقيد و100 يوم من الإبادة الجماعية!

العقيد و100 يوم من الإبادة الجماعية!

4 القراءة الثانية
0
0
0
wp header logo17345124101672010626

رواندا بلد صغير يقع في شرق القارة الإفريقية وتعيش به مجموعتان عرقيتان رئيسيتان هما التوتسي والهوتو. سيطر الهوتو على السلطة في البلاد منذ استقلالها عن بلجيكا في عام 1962 وبدأوا في طرد قبائل التوتسي خارج البلاد.

هذا البلد كان شهد في عام 1994 مذابح وحشية نفذتها وحدات مسلحة تابعة لقبائل الهوتو ضد قبائل التوتسي في أعقاب مقتل رئيس البلاد جوفينال هابياريمانا الذي ينتمي لقبائل الهوتو.

قتل رئيس رواند وجميع من كان معه إثر إسقاط طائرته في 6 أبريل 1994 عند اقترابها من العاصمة كيغالي قادمة من بوروندي المجاورة.

 شكل “التوتسي” لحماية أنفسهم والدفاع عن مصالحهم الجبهة الوطنية الرواندية التي قاتلت السلطات الحاكمة بهدف نيل المساواة وإقامة نظام عادل في البلاد.  

جومينال هابياريمان وصل السلطة في رواندا في عام 1973 عن طريق انقلاب عسكري، وحاول اتخاذ مواقف مرنة من الصراع العرقي الدائر. قرر هابياريمان في عام 1992 إبرام اتفاق هدنة مع التوتسي ممثلين في الجبهة الوطنية الرواندية. هذا الموقف اعتبر خيانة من قبل بعد الأوساط المتطرفة الحاكمة لقبائل الهوتو، ومن هنا بدأ دور هذا العقيد الدموي.

تينوسيت باغوسورا

تينوسيت باغوسورا ينتمي لقبائل الهوتو، وهو على صلة قرابة بعيدة بزوجة رئيس رواندا لاحقا جوفينال هابياريمانا. تخرج باغوسورا في عام 1964 من المدرسة العسكرية في كيغالي ثم أكمل دراسته العسكرية في فرنسا.

ترقى بسرعة في السلك العسكري بفضل صلة القرابة مع زوجة رئيس رواندا، وعين في عام 1992 في وزارة الدفاع.

بعد مقتل رئيس رواندا بإسقاط طائرته في 6 أبريل 1994، تولى العقيد تينوسيت باغوسورا رئاسة لجنة أزمة شكلت لملء الفراغ في السلطة ومواجهة الموقف.

هذه اللجنة ألقت بمسؤولية مقتل الرئيس هابياريمان على التوتسي، وقررت القضاء ليس فقط على الجبهة الوطنية الرواندية بل والانتقام من جميع التوتسي. هذه اللجنة حظيت بدعم الحرس الرئاسي والجيش وقوات الدرك وجماعات متطرفة من الهوتو.

بدأ العقيد باغوسورا المذابح بقتل جميع الوزراء والمسؤولين المعتدلين من الهوتو. داهم رجال الدرك والجنود منازلهم وقتلوهم مع عائلاتهم، ولم يسلم الأطفال وكبار السن.

شاركت في المذابح أيضا مليشيات كانت شكلتها سابقا النخبة الحاكمة من الهوتو في رواندا، وقامت بتزويدها بأسلحة خفيفة وبالمناجل، وكان ذلك كله تحت إشراف هذا العقيد.

هام المتطرفون مثل المجانين في الشوارع وقاموا باقتحام المنازل بحثا عن التوتسي وقتلهم على الفور. وجه المتطرفون عبر الراديو دعوات لأفراد الهوتو العاديين لحمل السلاح بما في ذلك السكاكين وقتل جيرانهم من التوتسي.

انتشر العنف الدموي الذي لا مثيل له في كل مكان وجرت ملاحقة التوتسي حتى في الكنائس والمستشفيات وقتلهم بلا رحمة، كبيرهم وصغيرهم.

قتل في الفترة من 6 أبريل إلى منتصف مايو 1994  حوالي 800 الف شخص، فيما استمرت عمليات الإبادة الجماعية والتطهير العرقي حتى 18 يوليو من نفس العام وارتفع عدد الضحايا إلى مليون شخص.

 

عمليات الإبادة الجماعية الوحشية التي جرت في رواندا وصفت بأنها كانت وصمة عار للأمم المتحدة التي لم تفعل شيئا لمنعها على الرغم من التحذيرات العديدة التي كان وجهها عدة صحفيين إضافة إلى شخصيات بارزة في رواندا.

الأدهى أن قوات حفظ السلام الأوروبية الحاضرة وقت المذابح اكتفت بتوفير الحماية لشخصيات مهمة فقط.

قوات الجبهة الوطنية الرواندية التي كانت متمركزة بشمال البلاد حسمت الموقف وأنهت أعمال الإبادة الجماعية بتطهيرها أراضي البلاد من المتطرفين والقوات الحكومية موقعا وراء آخر، وبحلول 4 يوليو سيطرت على العاصمة كيغالي.

على الرغم من تفوق القوات الحكومية الساحق عدديا لم تتمكن من مواجهة مقاتلي التوتسي وفر قادتها من البلاد.

العقيد تينوسيت باغوسورا الذي وصفه البعض بهتلر الإفريقي، فر إلى زائير ثم انتقل إلى الكاميرون، حيث اعتقل في عام 1997.

مثل أمام المحكمة الدولية الخاصة برواندا وفشل محاموه في إقناع المحكمة بأن المجازر وعمليات الإبادة الجماعية التي جرت على  مدى 100 يوم وقضت على مليون شخص، لم تكن عفوية وغير منظمة.

محكمة جرائم الحرب الخاصة برواندا قضت بسجن هذا العقيد الدموي مدي الحياة. قدم المدان أوائل عام 2021 التماسا للعفو عليه لأسباب صحية، إلا أن الطلب رفض في 1 أبريل من نفس العام. توفى تينوسيت باغوسورا وراء القضبان في 25 سبتمبر 2021 بسبب أمراض في القلب.

المصدر: RT