ينحني غلام ساخي صيفي أمام فرن متوهج حيث يعمل على مادة زرقاء منصهرة ليصنع منها قطعاً بأشكال عدة، وهو أحد آخر الحرفيين الذين اتبعوا تقليد الأسلاف في صناعة الزجاج المنفوخ في أفغانستان.
ويقول الحرفي وقد بدت آثار العمل على يديه وأصابعه: «هذا هو فننا، وتراثنا، وهذا ما أتاح لنا تأمين لقمة عيشنا منذ زمن طويل». ويضيف صيفي: «نحاول أن نضمن عدم اندثار هذه الحرفة، وعدم وقوعها في النسيان».
والسائد أن تقليد نفخ الزجاج في مدينة هرات الكبيرة في غرب أفغانستان نشأ قبل قرون. ويروي صيفي أن عائلته تعمل في هذا المجال منذ نحو 300 عام.
ويحوي منزل عائلته في قرية قريبة من هرات، ومشغله في المدينة القديمة، آخر فرنين لنفخ الزجاج في المنطقة التي لا تبعد كثيراً عن الحدود مع إيران.
ولم يعد صيفي يشغّل فرنه في المدينة إلا مرة واحدة فقط في الشهر. وبعد أن يدفع ثمن الخشب والمواد المستخدمة في التلوين وسواها من المواد الخام، لا تدرّ عليه الأكواب والأطباق وحاملات الشموع التي ينتجها ويبيعها إلا نحو 30 دولاراً.
وفي يوم تشغيل الفرن يسحب صيفي منه بواسطة سكين مطبخ بدائي وقضيب نفخ قطع الزجاج المصهور المتوهج، وينفخها حتى تشكل قطعاً جميلة.
وبينما كان النافخون يستخدمون في ما مضى زجاج الكوارتز، باتوا يستعملون اليوم القناني الزجاجية المعاد تدويرها والمكسورة والمسخنة جداً، والتي تعود إلى الحالة السائلة.
وتتولى مجموعة صغيرة من الفتيان مساعدة صيفي في عمله، ولكن تزداد صعوبة جذب الشباب إلى هذه الحرفة التي يعتبرونها عديمة المستقبل.
وأصبح نجل صيفي البكر خبيراً، لكنّه آثرَ الانتقال للعمل في إيران على الجانب الآخر من الحدود، وكذلك قرر اثنان من أقربائه تعلّما الحرفة صرف النظر عن العمل فيها.