<![CDATA[
قبل أكثر من 10 سنوات اشتعلت واحدة من أشهر معارك “وول ستريت” بين اثنين من عمالقة صناديق التحوط، واللذين راهنا بشكل عكسي ضد بعضهما البعض، ربح أحدهما مليار دولار فيما خسر الطرف الثاني مليار دولار أيضاً.
تجدد الحديث مؤخراً حول تلك المعركة التي جمعت الخصمين “بيل أكمان”، و”كارل إيكان”، بعد أزمة الأزمة الأخيرة التي ضربت مجموعة “أداني” الهندية، والتي أفقدت الشركة أكثر من 110 مليارات دولار من قيمة شركاتها التابعة السوقية، بعد رهان شركة الأبحاث الأميركية “هندنبورغ” ضد أسهم “أداني”، واتهام الشركة بالتلاعب في الأسهم والاحتيال المحاسبي.
وقف الشريك المؤسس لـ”بيرشينغ سكوير”، بيل أكمان في صف “هندنبورغ”، واصفاً رهان الشركة بأنه عمل قائم على البحث، على الرغم من أنه شخصياً تعلم الدرس واختار عدم البيع على المكشوف مجدداً.
وكتب “أكمان”، مجموعة من التغريدات يوم 27 يناير الماضي، يشرح تفاصيل معركته الخاسرة ضد إيكان، والتي كلفته خسائر قاسية وعامين من المعاناة.
كيف بدأت القصة؟
في عام 2003 باع “أكمان” كممثل عن صندوقه السابق “غوثام بارتنرز” حصة 15% من شركة “Hallwood Realty Partners”، إلى كارل إيكان، بسعر 80 دولارا للسهم، ونصّ عقد البيع على حصول مساهمي صندوق “غوثام” على 50% من الأرباح التي سيجنيها “إيكان” إذا ما تخطت 10% سنوياً حال إعادة بيعه للأسهم في غضون 3 سنوات من الاتفاق.
بعد أقل من 13 شهرا، وتحديداً في 14 أبريل 2004، استحوذ صندوق “HRPT Property Trust”، على “Hallwood”. ونتيجة لذلك، تلقى “إيكان” ومساهمو “Hallwood” الآخرون 136.16 دولاراً أميركياً للسهم نقداً مقابل أسهمهم.
وفيما رفض “إيكان” الالتزام بالاتفاق، رفع “أكمان” دعوى قضائية ضده، والتي خلصت في النهاية إلى تغريم “إيكان” 4.5 مليون دولار بخلاف فوائد سنوية تقدر بـ 9%، والتي انتهت في 2011.
حمل “إيكان” الكراهية لـ “أكمان” بسبب خسارة القضية وسداد هذا المبلغ الضخم، وبينما علم برهان “أكمان” بالبيع على المكشوف على شركة “هيربالايف” بقيمة مليار دولار في عام 2012، تحمس للانتقام ودخل مشتر للأسهم، حتى وصلت حصته إلى 26% من “هيربالايف”.
اشتعال الحرب
أعد “أكمان” ملفاً ضخماً من أكثر من 300 صفحة، يكشف فيها حقيقة شركة “هيربالايف” – والتي تبيع مكملات غذائية وفيتامينات وأشياء أخرى بنظام تسويق يعرف بـ “التسويق متعدد المستويات” – متهماً الشركة باتباع “التسويق الهرمي”، وهو نوع من البيع يركز بصورة أكبر على العمولات أكثر من المنتج نفسه، وأكد خلال عرضه التقديمي أن رهانه يؤكد أن الشركة سينتهي بها المطاف إلى لا شيء، وهو ما عرف بعد ذلك بـ “الرهان على الصفر”، وتم عمل فيلم وثائقي يحمل نفس الاسم لاحقاً.
وخلال 3 أيام فقط من العرض التقديمي لـ “أكمان” على “هيربالايف” انهار السهم بأكثر من 20%، في اتجاه معاكس لمبيعات الشركة والتي نمت من 1.3 مليار دولار إلى 4.5 مليار دولار خلال 10 سنوات في ذلك الوقت.
وصلت المعركة بين “أكمان”، و”إيكان” إلى شاشات التلفزيون، وسط حرب كلامية بين الطرفين.
مكالمة غيرت كل شيء
وسط الانهيار الكبير، والمطالبة بالتحقيقات في نموذج عمل الشركة، فضلاً عن تعرضها لبعض العقوبات، أظلمت الدنيا في وجه الرئيس التنفيذي لشركة “هيربالايف”، مايكل أو جونسون.
وجاءته مكالمة من “كارل إيكان”، عشية عيد الميلاد في أواخر عام 2012، والذي عرض تقديم الدعم وشراء حصة من الشركة.
وضخ إيكان ما يصل إلى مليار دولار في الشركة، ما حول دفة الأسهم لاحقاً، وفي عام 2017 وحده ارتفع السهم 51%، ليقرر “أكمان” إيقاف نزيف الخسائر والتخلي عن رهانه في أسهم “هيربالايف” بخسائر وصلت إلى مليار دولارن وفقاً لما ذكرته شبكة “CNBC”، واطلعت عليه “العربية.نت”.
تغريدات جديدة
وفي سلسلة تغريدات أواخر شهر يناير الماضي، أعاد “أكمان” التذكير بمعركة “وول ستريت” والتي ضمت اثنين من عمالقة صناديق التحوط.
وعلى الرغم من خسارته أكد “أكمان” أن حركة أسهم “هيربالايف” تؤكد رؤيته، إذ انخفض السهم بنسبة 24% منذ نهاية عام 2012، مقابل ارتفاع مؤشر S&P 500 ثلاثة أضعاف القيمة خلال نفس الفترة.
In late 2012, we shorted @Herbalife and delivered our initial 342-page deck https://t.co/bO2fqWkDsS . In sum, we said that HLF was a pyramid scheme that was causing enormous economic harm. HLF has declined by 24% since then. The S&P has ~tripled over the same period.
— Bill Ackman (@BillAckman) January 27, 2023
كما أشار إلى تغريم لجنة التجارة الفيدرالية لشركة “هيربالايف” 200 مليون دولار في عام 2016، بعد تحقيق دام لنحو عامين – وهي الغرامة الأكبر في التاريخ حينها.
وأشار إلى تسوية منفصلة مع لجنة الأوراق المالية والبورصات “SEC” في عام 2019 بقيمة 20 مليون دولار، بعد اعتراف الشركة بتقديم بيانات كاذبة حول نموذج أعمالها في الصين على مدى 6 سنوات.
وفي أغسطس 2020، وافقت “هيربالايف” على سداد غرامات إلى لجنة الأوراق المالية والبورصات في الصين بقيمة 123 مليون دولار، بعدما ثبت اتهامها بسداد رشاوى لمسؤولين حكوميين في البلاد.
وقال “أكمان”: “في النهاية، صممت “هيربالايف” ما يعرف بـ “الضغط القصير” – “Short Squeez”، عبر سلسلة من العطاء الذاتية التي سهلت بيع “كارل إيكان” لحصته في الشركة، مما مكّن “إيكان” من جني مليار دولار. وخسرت بيرشينغ سكوير مليار دولار عندما اضطرت لتغطية البيع على المكشوف”.
وفي النهاية كتب “أكمان”: “المغزى من القصة: البيع على المكشوف ليس طريقة جيدة لكسب المال، لكنه يصنع أفلاماً وثائقية جيدة (Betting on Zero)”. وأضاف “لم نعد نبيع الأسهم على المكشوف، ولكن لدينا الكثير من الاحترام للبائعين على المكشوف الذين يجرون أبحاثاً جيدة مثل هندنبورغ”.