اعترف مسؤولون رياضيون بأن مقرات الأندية باتت معزولة اجتماعياً بينما كانت في الماضي متنفساً وحيداً للعائلات في المجتمع الإماراتي، وعزوا ذلك لأسباب عدة أبرزها وفرة المرافق السياحية والترفيهية والحدائق والمراكز التجارية الجاذبة للشباب وذويهم، وتكريس إدارات الأندية جهدها في الصرف على فريق كرة القدم، فضلاً عن انتشار مضامير الجري والدراجات في أرجاء الدولة، ما يقلص الأدوار المجتمعية داخل الأندية، على حد تعبيرهم.
وقالوا لـ«الإمارات اليوم»: «إن الأندية حرصت في الماضي على النشاط المجتمعي الذي كان جزءاً مهماً من نجاحاتها وتعزيز انتماء المشجعين لفرقهم، ولكن حالياً الأمور تغيرت، والبنية التحتية للأندية لا تساعد على نشاط اجتماعي مثالي بانتظار تشييد منشآت جديدة للنهوض بهذا الجانب».
وأوضحوا أن «بعض هذه المنشآت صممت منذ السبعينات وهي غير كافية لمساعدة الأندية على التفاعل مع المجتمع بالشكل الكافي وبناء قواعد جماهيرية جديدة وتكريس عوامل الانتماء».
في المقابل، تحرك نادي الشارقة لرياضات الدفاع عن النفس وأعلن رئيس مجلس إدارته أحمد العويس، عبر «الإمارات اليوم»، عن توجه النادي لتشييد مرافق اجتماعية تخدم الرياضيين المنتسبين وذويهم والبالغ عددهم 1240 لاعباً، واستغلال فروع النادي الستة بعدما تمت الاستعانة بتجربة النادي الأهلي المصري العملاقة في النشاط الاجتماعي.
بين الماضي والحاضر
اعترف رئيس مجلس إدارة نادي عجمان خليفة الجرمن بأن الأندية الخاصة والشركات سحبت البساط من تحت أقدام الأندية الرياضية في ما يتعلق بالنشاط الاجتماعي الخاص بالجماهير.
وقال: «علينا الاعتراف بأن الأندية الخاصة والشركات تُقدم خدمات أكثر جودة فجذبت الجماهير بكل فئاتها، وباتت الآن هي المتنفس الحقيقي لها في وقت تُركز فيه إدارة الأندية خصوصاً في دوري المحترفين على نشاط كرة القدم الذي يستنزف نفقات مالية، الأمر الذي أثر بلاشك على الجانب الاجتماعي».
وأضاف الجرمن: «في السابق كانت الأندية الرياضية المتنفس الوحيد للعائلات في المجتمع، أما اليوم فقد تواجدت مرافق ترفيهية عدة سياحية وفنية وثقافية ورياضية أيضاً، ولم يعد النادي الرياضي هو الجهة الوحيدة التي يقصدها الناس».
وأوضح: «على الرغم من الالتزامات الكبيرة المفروضة على الأندية فإن الكثير منها وبينها نادي عجمان، تعمل بأقصى طاقتها للقيام بدورها المجتمعي نظراً لأهميته وليست مبتعدة تماماً، ويتمثل ذلك في فرق المراحل السنية والأكاديميات التي تجذب العائلات إلى الأندية لمرافقة ذويهم».
وأكمل: «يمكن للأندية أن تستعيد دورها كمتنفس رياضي واجتماعي إذا تمكنت من توفير فرصة ترويحية مماثلة كتلك التي تتوافر بعيداً عن أسوار الأندية من خلال تقديم العديد من المبادرات وتطويرها بين الحين والآخر، بما يجعل العائلات تنجذب إليها بصورة دائمة ولا تنقطع عنها».
وتابع رئيس مجلس إدارة نادي عجمان: «ينبغي على الأندية الاستفادة من المبادرات التي قدمتها على مدار السنوات الماضية لجذب الجمهور إلى المدرجات، واستغلال الأعداد الكبيرة التي تتواجد في المباريات، خصوصاً مع تحسن نتائج العديد من فرق الدوري سواء في البطولات المحلية أو الخارجية لتحويل اتجاههم إلى الأنشطة الاجتماعية، فجمهور كرة القدم هو العامل الأساسي في بناء أجواء اجتماعية ترافق الرياضية».
صعوبة في التطبيق
وأكد رئيس مجلس إدارة نادي الفجيرة ناصر اليماحي، أن تواجد مراكز ترفيهية وتسويقية وتجارية على مستوى عالٍ في كل إمارات الدولة يجعل من الصعب على الأندية إيجاد نشاط اجتماعي منافس لها.
وقال: «إن الأنشطة الاجتماعية في الأندية تعتمد في المقام الأول على إنشاء بنية تسويقية وتجارية إلى جانب النشاط الرياضي، وهذا الأمر سيكون فيه صعوبة كبيرة لأن موارد الأندية محدودة، وتكفي فقط للصرف على نشاط كرة القدم».
وأضاف: «العائلات تحتاج إلى جانب مراكز التسوق والمطاعم أماكن خضراء ومضمار لاستخدامه سواء للركض أو لممارسة رياضة الدراجات الهوائية، والأمر نفسه يتواجد خارج الأندية وبالتحديد في الحدائق التي تم تجهيزها بصورة جذبت العائلات لقضاء يوم اجتماعي رياضي بشكل جعلها تتردد عليها بشكل دائم ومعتاد».
وأكمل اليماحي: «لاشك أن تواجد نشاط اجتماعي متكامل داخل الأندية يُساعدها على تطوير الجانب الرياضي لديها ويُسهم في نشر ثقافة ممارسة الرياضة في أوساط المجتمع بشكل كبير، ويعزز من مفهوم الرياضة كأسلوب مثالي للحياة، ولكن للأسف تلك الأفكار تجد صعوبات كبيرة في تطبيقها، منها قلة الإمكانات المالية والتركيز بصورة أكبر على كرة القدم باعتباره واجهة النادي، إلى جانب ارتباط العائلات بأماكن اجتماعية متعددة، ما يجعل الأندية بحاجة إلى عمل كبير لتكون منافسة لها».
وأوضح: «على الرغم من ذلك فإن الأندية بمقدورها استعادة النشاط المجتمعي إليها مجدداً، ولكن بشرط أن تؤمّن مرافق حديثة توازي تلك الموجودة خارجها وإيجاد سبل تشجيع على ارتيادها»، مؤكداً أن «الأندية سابقاً كانت حريصة على النشاط المجتمعي وكان جزءاً مهماً من نجاحاتها لدوره في تعزيز انتماء المشجعين لفرقهم».
مجمع الوصل
وأكد المدير التنفيذي لنادي الوصل عبدالناصر علي الشامسي، أن «تعزيز النشاط الاجتماعي بالأندية بحاجة إلى عمل كبير ليكون على قدر تطلعات وطموحات الجماهير والعائلات، وبما يتواكب مع الصروح العملاقة الموجودة خارج الأندية».
وقال: «الأندية اضطرت لتركيز جهودها بشكل أكبر على الفريق الأول لكرة القدم على حساب النشاط الاجتماعي إلى جانب عدم وجود بنية تحتية مساعدة لتعزيز هذا الجانب، لكننا في نادي الوصل نحرص بشكل دائم على التواصل مع جماهيرنا وتأمين نشاط اجتماعي لهم وفقاً للإمكانات والمرافق المتاحة في الوقت الحالي، لكننا بصدد اعتماد أفكار جديدة تعزز المحيط الاجتماعي خلال الفترة المقبلة».
وأضاف الشامسي: «هذا الأمر سيكون مرهوناً بالمجمع الجديد لاستاد نادي الوصل ضمن مكرمة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الذي سيضم العديد من المنشآت والمسابح والصالات التي بدورها تعزز النشاط المجتمعي لخدمة مشجعي النادي ومحبيه من المواطنين والمقيمين، وأن أفكاراً جديدة سيتم تطبيقها حال دخول المجمع الجديد للخدمة».
وتابع: «نؤمن بمفهوم أن عمل الأندية يجب ألا يقتصر على ممارسة الرياضة بل يجب أن يمتد إلى النشاط المجتمعي، ولكن المنشآت الحالية للنادي صممت منذ عام 1978 وهي غير كافية لإنشاء نادٍ مجتمعي يوازي النادي الرياضي، ولكننا نتطلع إلى عمل ذلك في المستقبل ليضم المجمع الرياضي الجديد أماكن ترفيهية واجتماعية ذات طابع رياضي لكل أفراد العائلة».
وأوضح: «نحرص في نادي الوصل بين الحين والآخر على تنفيذ مبادرات ترويحية لمنتسبي النادي وجمهوره، وسبق تنفيذ ذلك في العديد من المناسبات الرياضية الكبرى والمباريات المهمة لتوفير أجواء ممتعة للجمهور لمتابعة المنافسات، ومنحنا أصحاب بطاقات العضوية الموسمية الخاصة بالمباريات خصومات تراوح بين 25 و30%، للاستفادة من المحال التجارية الموجودة بالنادي».
مشروع إماراتي على أرض الواقع يحاكي تجربة الأهلي المصري
كشف رئيس مجلس إدارة نادي الشارقة لرياضات الدفاع عن النفس أحمد العويس، أن هناك توجهاً لدى النادي لتشييد مرافق اجتماعية تخدم الرياضيين المنتسبين للنادي وذويهم.
وقال العويس: «الساحة الرياضية تفتقر لوجود أندية رياضية واجتماعية في آنٍ معاً، الأمر الذي شجعنا في نادي الشارقة لرياضات الدفاع عن النفس على السعي لتطبيق تلك الفكرة مع توسع عدد الرياضيين في النادي الذين يبلغ عددهم 1240 لاعباً، وتميزهم في معظم البطولات الدولية التي يشارك فيها منتسبوه وفوزهم بميداليات ملونة رفيعة المستوى، ما دفع عائلات اللاعبين لمرافقة ذويهم في التدريبات والبطولات كردة فعل طبيعية لتشجيعهم على التميز ومشاركتهم لحظة التتويج».
وأضاف: «مجلس إدارة النادي ولجنة التخطيط الاستراتيجي بحثا هذه المعطيات لتعزيز الدور الاجتماعي للنادي لتطبيق رؤيته بخلق جيل رياضي يتمتع بأفضل القيم الإيجابية، وفي هذا الإطار شكلنا مجلساً لأولياء أمور اللاعبين كخطوة أولى تهدف إلى التعاون المشترك بين النادي والعائلات بهدف التعرف إلى التحديات التي تحول دون استمرار الأولاد والبنات في ممارسة الرياضة، أو المعوقات التي تحول دون تميزهم، والعمل معاً لتعزيز دور النادي رياضياً واجتماعياً، واستغلال فروع النادي البالغ عددها ستة مقرات للوصول لهذا الهدف».
وأشار العويس إلى أنه «تمت الاستعانة بتجربة النادي الأهلي المصري العملاقة في النشاط الاجتماعي، إذ التقينا مسؤولين في مجلس إدارته على هامش الملتقى الرمضاني الماضي للتعرف إلى تجربته، والذي يمتلك خمسة فروع في مناطق عدة في القاهرة لاستيعاب الأعداد الجماهيرية التي تتدفق عليه».
وأوضح أن «نجاح تنفيذ فكرة الجانب الاجتماعي لأنشطة الأندية يرتكز على عوامل عدة أبرزها نشر ثقافة ممارسة الرياضة، وجذب العائلات للأندية من خلال منشآت ترفيهية، وتسوق تجاري ومطاعم، ما يمكن أفراد المجتمع من قضاء يومهم الكامل داخل جدران النادي، وبما يُلبي احتياجاتهم».
. منشآت بعض الأندية صُممت منذ السبعينات.. واستعادة النشاط المجتمعي مشروط بتأمين مرافق حديثة.
. الأندية الخاصة والشركات سحبت البساط من تحت أقدام الأندية الرياضية وتُقدم خدمات أكثر جودة لجذب الجماهير.