تُحدث الابتكارات الجديدة المعروضة خلال الأسبوع العالمي للفضاء الذي أقيم هذا الأسبوع في باريس، تغييراً جذرياً في القطاع الفضائي، ومنها مثلاً محركات قابلة لإعادة الاستخدام ومسارات للأقمار الاصطناعية مُحسَّنة بواسطة أجهزة كمبيوتر كمومية، أو عمليات مراقبة أسهل بفضل الذكاء الاصطناعي. ويؤكد المدير العام لوكالة الفضاء الأوروبية يوزيف أشباخر لوكالة فرانس برس، أن «الذكاء الاصطناعي والتقنيات الكمية يشكلان ثورة كبيرة».
وستتيح التقنيات المبنية على مبادئ فيزياء الكم، والتي تدرس الأجسام المتناهية الصغر، عمليات تواصل ونقل للبيانات بين الفرق في الفضاء وعلى الأرض بشكل فوري تقريباً وآمن، بفضل التشفير الذي يجعل عمليات الاختراق شبه مستحيلة. وستساعد أجهزة الكمبيوتر الكمومية، الأقوى من تلك التقليدية، على تحسين المسارات الفضائية، وهو شرط أساسي للمهمات الطويلة وتجنّب حوادث الاصطدام بين الأقمار الاصطناعية والحطام الفضائي، وستعمل التلسكوبات الكمومية على تحسين نوعية الصور.
ويشير أشباخر إلى أن التقنيات الكمومية تنطبق أيضاً على «الاتصالات، وعمليات الحساب، ورصد الإشارات من الفضاء والتغيرات في الجاذبية، حتى تحت الأرض». ومن خلال تحسين جودة التحليلات وتوفير الوقت، يُعدّ الذكاء الاصطناعي مهماً لعمليات المراقبة أو إدارة الحطام الفضائي أو استكشاف الفضاء.
وفي حديث إلى وكالة فرانس برس، تقول، رئيسة شركة بلاكسكاي الأميركية المتخصصة في صور الأقمار الاصطناعية الملتقطة في الوقت الفعلي تقريباً، لين شاسانيه «يمكننا دمج سنوات من رصد الأجسام في خوارزمية مع معدل ثقة أعلى من 95%، ثم نقل ذلك إلى إنسان لإجراء التحليل بناء على هذه البيانات». وتضيف «سنحقق تقدماً لناحية الكفاءة والسرعة» في مجال مراقبة الأرض. وهذا سيجعل من الممكن تحديد أجسام أصغر حجماً وتطوير خوارزميات مخصصة للزبائن. وتتابع «إذا أراد زبون تتبع مركبات مدرعة ودبابات، نعمل على أن نكون قادرين على التمييز بين هذه الأنواع من الأجسام، والتي قد تبدو مطابقة لشخص مدني، ما يتيح له معرفة مثلاً عدد المركبات التي نُقلت من نقطة (أ) إلى نقطة (ب)».
وتضيف رئيسة «بلاكسكاي» التي كان لصورها التي تمثل قافلة عسكرية روسية تتجه نحو كييف عام 2022، وأخرى لانسحاب الأسطول الروسي من سيفاستوبول عام 2023، تأثير على الحرب في أوكرانيا، أنّ الزبون «لا يحتاج إلى صور، إذ يمكن لأجهزة الكمبيوتر القيام بهذا العمل وتوفير الوقت له».
وبناء على نجاح الرحلة الأولى لصاروخ «أريان 6» في يوليو، يعوّل الرئيس التنفيذي لشركة «أريان سبايس» ستيفان إسرائيل، على التطورات في محركات دفع المركبات الفضائية والقدرة على إعادة استخدامها. ويقول لوكالة فرانس برس «لدينا اليوم محركات تعمل بالهيدروجين والأكسجين، وقد نكون غداً أمام محركات تعمل بالأكسجين والميثان»، لأن الغاز الأخير أنظف من حرق الهيدروجين فقط. وسيكون محرك الصاروخ القابل للتكيف مع أنواع مختلفة من بروميثيوس التي ابتكرتها «أريان غروب» قادراً على حرق خليط من الأكسجين والميثان السائل. ويقول ستيفان: «نعمل على إعادة استخدام هذا المحرك» من خلال شركة «مايا سبايس» التابعة لمجموعة «أريان غروب» والتي تعمل على تطوير مشروع قاذفة خفيفة قابلة لإعادة الاستخدام جزئياً.
وتُعدّ القدرة على إعادة استخدام مركبة مسألة رئيسة للأوروبيين الذين بسبب تقنياتهم باهظة الثمن وذات الاستخدام الواحد، يتخلفون عن شركة «سبايس إكس» التابعة لإيلون ماسك، والتي يمكن استخدام صواريخها «فالكون 9» حتى 10 مرات، ما يقلل من كلفة مهامها.
وعلى عكس الأقمار الاصطناعية التقليدية التي يتم تحديد وظائفها مسبقاً بواسطة الأجهزة الموجودة فيها، يمكن للأقمار الاصطناعية «المحددة من خلال برنامج» إعادة تصميم مهامها خلال الرحلة، عبر تحديثات للبرامج. وبعد وضعها في المدار، يمكن لهذه الأقمار الاصطناعية الانتقال من مهمة إلى أخرى، على سبيل المثال من مهمة مراقبة الأرض إلى الاتصالات.
ويرى رئيس أنظمة الأقمار الاصطناعية التجارية في شركة «بوينغ» راين ريد، أنها أكثر تكنولوجيا واعدة حالياً في مجالها.