أعرب أشهر خبراء الاقتصاد الأميركي، باري إيكنغرين، عن مخاوفه العميقة بشأن التصرفات السلبية للإدارة الثانية للرئيس المنتخب، دونالد ترامب، تجاه الاقتصاد، معتبراً أن القائمين على «وادي السيليكون» سيندمون على دعمهم لترامب، كونهم سيدركون في نهاية المطاف أن الرسوم الجمركية تضر بالاقتصاد.
وقال إيكنغرين، في مقابلة أجرتها معه مجلة «دير شبيغل» الألمانية، إن أوروبا قد تواجه رياحاً اقتصادية عنيفة تهب من واشنطن، على حد تعبيره.
وفي ما يلي مقتطفات من تلك المقابلة:
. منذ فوز دونالد ترامب في الانتخابات يبدو أن المزاج الاقتصادي قد تحول للأفضل، وارتفعت أسعار الأسهم في الولايات المتحدة بشكل كبير.. هل أسهم انتخاب ترامب في هذا الحراك الاقتصادي؟
.. حتى الآن، يبدو أن أداء ترامب جيد بالنسبة للأسواق، وهو ما يختلف بطبيعة الحال عن القول إنه جيد بالنسبة للاقتصاد، إذ تأمل الأسواق خفض الضرائب، وزيادة الأرباح، وتحفيز الطلب.
وتتوقع الأسواق أن تستفيد الشركات الأميركية عندما يواجه المنافسون الأجانب تعرفات جمركية أعلى، لكنني أظن أن الأسواق تشهد نوعاً من الاندفاع نحو التفاؤل.
. ماذا تقصد بذلك؟
.. لقد تراجعت حالة عدم اليقين بشأن الاتجاه الذي تسلكه البلاد، لأن الانتخابات حُسمت بوضوح، لكن ترامب بسياساته غير المنتظمة أصبح آلة لعدم اليقين، لذا فإن حالة عدم اليقين ستعود، وعند هذه النقطة ستتفاعل الأسواق بشكل سلبي.
. سيسيطر الجمهوريون قريباً على البيت الأبيض، ومجلسَي الكونغرس، كما سيهيمنون على المحكمة العليا، هل تعتقد أن ترامب سينفّذ كل ما حددته مؤسسة هيريتيدج المحافظة في خطة «مشروع 2025؟» وهي الخطة التي تتضمن إلغاء القيود التنظيمية وخفض الضرائب، وإلغاء الوكالات الفيدرالية، واستبدال عشرات الآلاف من الموظفين المدنيين بموالين للرئيس.
.. نعم، لن يكون هناك بعد الآن في هذه الحكومة من يقف في وجه ترامب، كما كان الحال في ولايته الأولى، وفي الوقت نفسه لن يتمكن ترامب من التركيز على أي شيء لفترة طويلة، وهذا يشمل الأجندة الموضحة في «مشروع 2025».
. كما حدث في ولايته الأولى، أعلن ترامب مرة أخرى أنه سيفرض رسوماً جمركية مرتفعة على الواردات، وستردّ أوروبا والصين على هذا، فهل العالم على شفا حرب تجارية؟
.. نعم، لن يتمكن أحد تقريباً من إيقاف ترامب، نظراً إلى مدى سلطته في إعادة صياغة السياسة التجارية الأميركية، ولأن شركاء الولايات المتحدة التجاريين على دراية بهذا منذ ولايته الأولى في المنصب، فإنهم يستعدّون للرد.
. كيف تستطيع أوروبا، وخصوصاً ألمانيا، أن تتفاعل مع تهديدات ترامب؟ وكيف تفعل ذلك؟
.. ستأتي اللحظة التي يتعين فيها على الألمان والأوروبيين أن يقرروا ما إذا كانوا يريدون التمسك بعلاقتهم التجارية مع الولايات المتحدة، وفرض ضرائب عالية على الواردات الصينية، تماماً كما يفعل الاتحاد الأوروبي مع السيارات الكهربائية الصينية، أو بدلاً من ذلك فقدان القدرة على الوصول إلى السوق الأميركية، وقد يُجبر ترامب الأوروبيين – إذا كانوا مهتمين بعلاقات تجارية جيدة مع أميركا – على فرض ضريبة ثابتة بنسبة 60% على المنتجات الصينية، وإذا لم يوافقوا فسيعاقب ترامب أوروبا بفرض تعرفات جمركية عالية على المنتجات الأوروبية، لذلك فمن المتوقع أن تواجه أوروبا رياحاً اقتصادية عنيفة تهب من واشنطن.
. يريد ترامب فرض رسوم جمركية مرتفعة على جميع الواردات، ويشمل ذلك الرقائق من تايوان التي تعتمد عليها الشركات الرقمية الأميركية، وفي الوقت نفسه يحظى بدعم من ممثلين مؤثرين من «وادي السيليكون»، فكيف يمكن أن يحدث هذا؟
.. القائمون على «وادي السيليكون» سيندمون على دعمهم لترامب، وفي نهاية المطاف، سيدركون أن الرسوم الجمركية تضر بالاقتصاد ككل، وأن نماذج أعمالهم تعتمد على العولمة، لكنني تخليت عن محاولة فهم هؤلاء الرجال ودوافعهم، ويتعين عليك أن تكون عالم نفس، وليس خبيراً اقتصادياً، لكي تتمكن من فهم مقاصدهم. عن «دير شبيغل»