من الشغف بالترحال بين جهات العالم المختلفة، إلى قيادة فريق نسائي للسفر والسياحة، كرّست الإماراتية شيخة الرميثي نموذجاً في تحويل الحلم إلى واقع، والهواية إلى شيء أكبر، وذلك بعد أن نجحت في تحويل عشقها السفر إلى «مجتمع نسائي» صغير يتقاسم المغامرة والتعلم، مؤكدة أن عملها ومسؤولياتها كأم، لم يمنعاها يوماً من حسن إدارة أولوياتها ووقتها، وتخصيص مساحة لهواية تشبثت طويلاً بها، وتعدّها التجربة التي لا تضاهيها أي تجربة أخرى في الحياة.
بحماسة، تروي شيخة لـ«الإمارات اليوم» فصول قصة عشقها القديم للسفر، مضيفة «بدأت تجاربي الأولى بصحبة الأهل والعائلة، وكذلك بالتطوع لشهر مع مؤسسة (تكاتف) في جناح دولة الإمارات في (إكسبو ميلانو) بإيطاليا، لتتوالى الرحلات ولتكون جزءاً ثابتاً من حياتي، وذلك بالتوازي مع عملي منذ 15 عاماً في إحدى الجهات الحكومية، ومسؤولياتي الاجتماعية أمّاً لثلاثة أبناء، والتي لم تمنعني من حسن إدارة وقتي، وتخصيص مساحة للسفر، واكتشاف العالم من حولي».
فكرة قديمة
من تلك المحطة الشخصية جداً، انطلقت شيخة إلى تنظيم الرحلات الجماعية للنساء فقط، والتي تصفها بأنها فكرة قديمة وقائمة لديها منذ عام 2019، لكنها لم تحظَ بالتنفيذ بسبب بداية جائحة كوفيد-19، وتداعياتها الصحية والاجتماعية على حياة الناس حول العالم، وأعادت الكرة في تنفيذ الخطوة ببداية 2023، لكنها تعثرت لأسباب عدة، إلى أن وصلت إلى عتبات العام الجاري الذي شهد انطلاقتها مجدداً بطريقة فريدة، موضحة: «نشرت مرة صورة من إحدى مغامرات السفر على صفحتي الخاصة على (سناب شات)، ضمنتها تعليقاً خاصاً عن فرادة هذه التجربة، ففوجئت بالتفاعل الموسع الذي حققه المنشور، وتضمن بعضه تساؤلات حول تنظيم الرحلات ونشاطي في هذا المجال، وبما أنني كنت أمتلك النية والقدرة، خصوصاً الخبرة على خوض غمار هذه التجربة، جاء الجواب (نعم)، وقتها، وانطلقت تجربة أول رحلة جماعية للبوسنة مع سبع من البنات».
منذ ذلك الوقت، نجحت شيخة في إدارة فريق مغامرات نسائي لتجول معه العالم، وترتحل بين ستة بلدان: النمسا وألمانيا وأرمينيا والبوسنة وجورجيا والكويت، معربة عن طموحها بتوسيع أفق المغامرات والاستكشافات، لتشمل أكبر عدد من الأماكن حول العالم.
دراية وتجربة
وعن صعوبة خوض غمار هذه التجربة ومتطلباتها الخاصة، نوهت شيخة بالخبرة التي راكمتها على امتداد سنوات في هذا المجال، وحيازتها قاعدة بيانات سهلت عليها اليوم ترتيب كل مراحل رحلات الفريق، واختيار أنسب الوجهات وإدارة تفاصيلها وجميع مراحلها، ابتداء من حجوزات الفنادق والطيران، حتى التكلفة اليومية للأنشطة بدقة.
واعترفت بأن خطوة تحقيق الانسجام بين تجارب إنسانية متنوعة، وجمعها لأول مرة خارج الإطار الجغرافي المعهود، لم تكن تجربة سهلة التنفيذ، بما طرحته من تحديات عدة، أهمها عدم معرفة النساء ببعضهن ولا صداقتهن السابقة، وانحدارهن من مناطق متنوعة من الإمارات؛ إلا أن شيخة، وضعت قوانينها، وكرست نوعاً من التوافق والتجانس الإنساني، موحدة الأهداف ومتجاوزة الاختلافات. وتابعت: «سعيدة بنجاحي في توحيد وجهات النظر، وتقريب عضوات الفريق من بعضهن، وذلك بعد أن بادرت بإنشاء مجموعة تواصل خاصة للتفاعل على (واتس أب) لمناقشة كل تفاصيل السفر ومراحله ووجهاته، بالاعتماد على آراء المشاركات وميولهن، ما أسهم في تقريب العضوات وتعرفهن أكثر ببعضهن بعضاً، وسهل لاحقاً عملية التواصل اليومي بينهن، وتقاسم متعة هذه التجربة على أرض الواقع».
أما عن تحديات المشوار، فتجاوزتها شيخة باقتدار قائلة «يحدوني شعور جميل بالفرح والفخر بتعاون الفريق النسائي وتفهمه وإحساس عضواته العالي بالمسؤولية والاحترام المتبادل الذي جمعهن على (قلب واحد)، وذلل لنا الصعاب، ليمكننا بالتالي من حسن استثمار هذه التجربة المشتركة للاستمتاع والتعلم. في الوقت الذي نحرص على مواصلة التفاعل بيننا حتى بعد السفر، عن طريق دردشات مجموعتي (واتس أب) و(سناب شات) أسستهما».
عن عشق السفر الذي لازمها، أكدت شيخة أنها تبادر في حال انتهاء رصيد إجازاتها السنوية، بطلب إجازة «دون راتب» للانطلاق في تجربة سفر جديدة مع الفريق، مجازفة بـ«الراتب» من أجل الغوص في مغامرة جديدة، مؤكدة أنها مجازفة مستحقة «إذ بعد زيارة 25 بلداً، أيقنت أن تجربة السفر لا تضاهيها في سحرها ولا في دروسها، أي تجربة أخرى في الحياة».
25 بلداً، زارتها شيخة التي راكمت خبرات طويلة في ميدان السفر على امتداد سنوات.
• شيخة الرميثي: فخورة بتعاون الفريق وإحساس عضواته بالمسؤولية والاحترام المتبادل الذي جمعهن على قلب واحد.
• صورة من إحدى رحلاتي حظيت بتفاعل لافت، وفتحت لي الباب لتنظيم الرحلات ونشاطي في هذا المجال.
خطط مستقبلية
كشفت شيخة الرميثي عن عزمها توسيع نطاق استقطاب فريق المغامرات النسائي الذي يضم، اليوم، من ست إلى تسع نساء بين رحلة وأخرى، ينحدرن من فئات اجتماعية ومهنية متنوعة، مضيفة: «أتمنى الارتقاء بهذه التجربة مستقبلاً، لتحويلها إلى وكالة متخصصة في تنظيم الرحلات النسائية، التي وإن استقطبت إلى اليوم تجارب نساء إماراتيات فحسب، فإنها تظل مفتوحة على الجنسيات الأخرى التي ترغب في الانضمام إلى الفريق».