دوّت صافرات الإنذار في العاصمة الأوكرانية كييف بعد نحو 40 دقيقة من دخول وقف إطلاق النار من جانب واحد في أوكرانيا، والذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيز التنفيذ، أمس، وفيما أكد الجيش الروسي احترامه الهدنة التي أعلنتها موسكو ليومين في أوكرانيا بمناسبة عيد الميلاد الأرثوذكسي، متهماً كييف بمواصلة القصف، أكدت الرئاسة الأوكرانية تلقي كييف المزيد من إمدادات الأسلحة من الشركاء الغربيين.
وتفصيلاً أظهر تطبيق التنبيهات المستخدم على نطاق واسع في أوكرانيا، والذي يتضمن معلومات من خدمات الطوارئ، صافرات الإنذار تدوي في جميع أنحاء البلاد.
وكان إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أول من أمس أن القوات الروسية ستوقف القتال على طول خط المواجهة البالغ طوله 1100 كيلومتر أو في أي مكان آخر غير متوقع.
وجاء ذلك إثر نداء من بطريرك الأرثوذكس الروسي كيريل فضلاً عن اقتراح من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وقف إطلاق النار في عطلة عيد الميلاد الأرثوذكسية نهاية الأسبوع، حيث تحتفل الكنيسة الأرثوذكسية، التي تستخدم التقويم اليولياني، بعيد الميلاد في السابع من يناير.
وأتى إعلان الهدنة من جانب روسيا بعد أقل من أسبوع على ضربة نفّذها الجيش الأوكراني ليلة رأس السنة أدت إلى مقتل 89 عسكرياً روسياً على الأقل في ماكيفكا في شرق أوكرانيا.
لكن المسؤولين الأوكرانيين والغربيين شككوا في وجود دافع خفي لبادرة حسن النية الواضحة لبوتين. وشكك الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في نوايا الكرملين، واتهم الكرملين بالتخطيط لوقف القتال «لمواصلة الحرب بقوة متجددة»، واصفاً الهدنة الروسية بأنها مجرد خدعة.
وقال زيلينسكي في وقت متأخر الخميس «يريدون الآن استخدام عيد الميلاد غطاء لوقف تقدم رجالنا في منطقة دونباس الشرقية لفترة وجلب المعدات والذخيرة والأشخاص المحتشدين بالقرب من مواقعنا».
من جهته قال الرئيس الأميركي جو بايدن إنه من «المثير للاهتمام» أن بوتين كان مستعداً لقصف المستشفيات ودور الحضانة والكنائس في أعياد الميلاد ورأس السنة الجديدة. وقال بايدن «أعتقد أن بوتين يحاول العثور على بعض الأكسجين».
وأفاد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس بأن واشنطن «ليس لديها ثقة تذكر في النوايا وراء هذا الإعلان»، مضيفاً أن مسؤولي الكرملين «لم يعطونا أي سبب لاتخاذ أي شيء يعرضونه في ظاهره».
وتابع أن أمر الهدنة يبدو خدعة «للراحة، وإعادة التنظيم، وإعادة التجمع، وإعادة الهجوم في نهاية المطاف».
واتفق معهد دراسة الحرب على أن الهدنة يمكن أن تكون حيلة تسمح لروسيا بإعادة تنظيم صفوفها.
وأوضح مركز الأبحاث في وقت متأخر الخميس «مثل هذا التوقف سوف يفيد القوات الروسية بشكل غير متناسب ويبدأ في حرمان أوكرانيا من المبادرة. لا يمكن لبوتين أن يتوقع بشكل معقول أن تلتزم أوكرانيا بشروط وقف إطلاق النار المعلن فجأة، وربما دعا إلى وقف إطلاق النار لتصوير أوكرانيا على أنها غير واعية وغير راغبة في اتخاذ الخطوات اللازمة نحو المفاوضات».
في الأثناء أعلن نائب رئيس الإدارة الرئاسية الأوكرانية كيريلو تيموشنكو أن الجيش الروسي قصف أمس مرّتين مدينة كراماتورسك في شرق أوكرانيا، بعد بدء سريان وقف إطلاق نار أعلنته موسكو.
وتواصل القصف المدفعي كذلك أمس على جانبي الجبهة في باخموت، مركز المعارك في شرق أوكرانيا، رغم الهدنة، كما أفاد مراسلو وكالة فرانس برس.
من جهتهم، صرح ممثلو القوات الروسية بشرق أوكرانيا لوكالة تاس الروسية للأنباء الحكومية، بعد وقت قصير من سريان الهدنة: «القوات الأوكرانية قصفت دونيسك بالمدفعية ظهر أمس بالضبط عندما بدأ سريان وقف إطلاق النار».
وأكد الجيش الروسي احترامه وقف إطلاق النار، متهماً كييف بمواصلة القصف.
من جانبه، انتقد الرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف، الذي يشغل حالياً منصب رئيس مجلس الأمن الروسي، الساسة الأوكرانيين لرفضهم وقف إطلاق النار. على صعيد آخر، رحب زيلينسكي بتعهد أميركي وألماني تسليم كييف مدرعات لسلاح المشاة من طراز «برادلي» من الجانب الأميركي و«ماردر» من الجانب الألماني، معتبراً أنه «قرار جدّ مهمّ».
وتعهدت برلين كذلك بتسليم كييف بطارية صواريخ «باتريوت» للدفاع الجوي على غرار ما سبق لواشنطن أن فعلت.
وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية، شتيفن هيبشترايت، في برلين، أمس، إن الأمر يتعلق بتوريد نحو 40 وحدة من أنظمة الأسلحة التي يمكن تجهيز كتيبة بها.
وأشار المتحدث إلى أن التدريب المخطط تقديمه للجنود الأوكرانيين في ألمانيا سيستغرق نحو ثمانية أسابيع، بحسب تقديرات خبراء.
وأكد رئيس مكتب الرئاسة الأوكرانية أندريه يرماك، أمس، على أن إمدادات الأسلحة من شركاء أوكرانيا الغربيين ستزداد في المستقبل. وقال يرماك على قناته على «تليغرام» إن «أوكرانيا تتلقى بالفعل وستتلقى مساعدة كبيرة من الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وبريطانيا، وأن هذا الدعم يساعد على استعادة جميع أراضينا، وإن حدود عام 1991 هي هدفنا».
• بايدن: «بوتين يحاول العثور على بعض الأكسجين عبر إعلان الهدنة».