بابا الكنيسة الكاثوليكية اعترف في تلك المناسبة خلال اجتماع للأكاديمية البابوية للعلوم، بالخطأ الذي ارتكبته الكنيسة من خلال إدانة محاكم التفتيش، لغاليليو على خلفية افكاره العلمية في عام 1633، أي قبل حوالي 4 قرون. البابا أعاد أيضا لهذا العالم الإيطالي في الفيزياء والفلك الذي عاش بين عامي ” 1564 – 1648″، الحق في أن “يكون ابنا شرعيا للكنيسة”.
قرار إعادة الاعتبار لغاليليو اتخذ بعد سنوات من العمل والتحضيرات التي قامت بها لجنة خاصة كان شكلها البابا بولس الثاني في عام 1979 بعد وقت قصير من انتخابه.
المواجهة الخطرة مع الكنيسة:
غاليليو غاليلي كان تعرض لاضطهاد طويل. حين كان لا يزال يعمل أستاذا للرياضيات في جامعة بيزا، رفض فكرة مركزية الأرض لأرسطو وبطليموس، مؤكدا صواب فكرة نظام مركزية الشمس للعالم نيكولاس كوبرنيكوس.
كان هذا العالم الفلكي يحظى بأفكاره الطليعية بشعبية كبيرة وقتها في أوساط الطلاب ما أثار حسد زملائه. وشى به البعض إلى محاكم التفتيش سيئة السمعة في عام 1604، واتهم بممارسة التنجيم وقراءة الأدب الممنوع، إلا أن الأمر في تلك المرحلة مر بسلام.
غاليليو قام في عام 1609 بتجميع أول تلسكوب رأى بواسطته الجبال على القمر، واكتشف أربعة أقمار لكوكب المشتري. كل ذلك لم يتوافق أيضا مع تعاليم أرسطو السائدة في ذلك الوقت.
خلص الفلكي الإيطالي إلى أن نظام مركزية الشمس في الكون الذي اقترحه كوبرنيكوس هو النظام الحقيقي الوحيد. بعد ذلك أصدر في عام 1610 كتاب “الرسول المرصع بالنجوم “، الذي منحه شهرة واسعة في جميع أرجاء أوروبا.
الواقعة التي وضعته في مواجهة محاكم التفتيش تمثلت في رسالة كان وجهها غاليليو إلى الأباتي كاستيلي ودافع بها عن آراء كوبرنيكوس في عام 1613.
تفحص في عام 1616 أحد عشر لاهوتيا معروفا “عقيدة” كوبرنيكوس وتوصلوا إلى استنتاج مفاده أنها خاطئة، وجرى استدعاؤه إلى روما وطالب منه التوقف عن الترويج لآرائه.
كان هذا العالم الفلكي يحمل وقتها لواء مركزية الشمس، في حين أن الكنيسة الكاثوليكية كانت اعتبرت رسميا مركزية الشمس بمثابة “بدعة خطيرة”، وجرى حظر كتب كوبرنيكوس في علم الفلك، إلا أن العالم الإيطالي واصل طريقه وأبحاثه.
بنهاية المطاف، بدأت محاكمة غاليليو في روما عام 1633، ووجهت إليه تهمة الهرطقة. جرى ذلك بعد نشر كتاب “حوار حول النظامين الرئيسيين في العالم، البطلمية والكوبرنيكية”، والذي كان العالم حينها يعكف على إنجازه منذ ما يقرب من 30 عاما.
هذه المحكمة أدانت العالم الفكي الذي وافق على التخلي عن معتقداته، بتوزيع كتاب يحتوي على “زيف وهرطقة وبتعارض مع تعاليم الكتاب المقدس” عن حركة الأرض.
نص توبة واعتراف غاليليو الخطي:
غاليليو أجبر على التنصل من أفكاره العلمية وكتب اعترافا قال فيه:
“أنا غاليليو غاليلي، ابن كل من فينسينزو غاليلي وفلورنتين، في السنة السبعين من حياتي، مثلت شخصيا أمام المحكمة، راكعا أمامكم، أيها السادة الكرادلة في الجمهورية المسيحية المسكونية، أمام عيني الإنجيل المقدس، الذي ألمسه بيدي، أقسم أنني كنت أؤمن به دائما، الآن أؤمن وبعون الله سأستمر في الإيمان بكل ما تحتويه الكنيسة المقدسة الكاثوليكية الرسولية وتبشر به وتعلمه. ولكن بما أن هذا الحكم المقدس قد قدم لي اقتراحا قانونيا منذ فترة طويلة، فإنني يجب أن أتخلى عن الرأي الخاطئ بأن الشمس هي مركز الكون وأنها لا تتحرك، حتى لا أتمسك بهذا الرأي، ولا أدافع عنه، ولا أتحدث عنه بأي شكل من الأشكال، لا شفهيا ولا كتابيا، وفي هذه الأثناء قمت بتأليف ونشر كتاب أعرض فيه المذهب المدان وأقدم حججا قوية لصالحه، مع أنني لا أعطي نتيجة نهائية، ونتيجة لذلك تم التعرف علي على أنني تحت شبهة شديدة بالهرطقة، أي ما أعتقده وأؤمن به بأن الشمس هي مركز الكون وهي ثابتة، لكن الأرض ليست هي المركز وتتحرك.
لذلك، أود أن أبدد أفكاركم، أيها السادة والكرادلة الموقرون، وكذلك من عقل كل مسيحي حقيقي، هذا الشك الذي أثير ضدي بشكل مشروع. من قلب نقي وبإيمان غير مزيف، فإنني أنكر وألعن، وأكره الهرطقة أو الضلال أو الطائفة التي لا تتفق مع الكنيسة المقدسة.
22 يونيو 1633، في دير مينيرفا في روما.
أنا، غاليليو غاليلي، تخليت عما سبق بتوقيعي المكتوب بخط اليد”.
بعد أن جثا على ركبتيه وقرأ غاليليو هذا النص، قضى بقي حياته تحت الإقامة الجبرية والإشراف الدائم من قبل محاكم التفتيش.
مركزية الشمس انتصرت بعد سنوات عديدة، فيما بقي العالم الفلكي الإيطالي غاليليو غاليلي مدانا بالهرطقة لحوالي أربعة قرون أخرى.
المصدر: RT
إقرأ المزيد
ذكر وأنثى في منطاد!
بعد 14 عاما من انطلاق أول رحلة طيران بواسطة منطاد يحلق بالهواء الساخن، نجح طيار المناطيد الشهير أندريه جاك غارنيرين في القفز بالمظلة لأول مرة في التاريخ.
أغرب تسونامي من صنع بشري
شهدت لندن في 17 أكتوبر عام 1814 كارثة عجيبة حين اجتاح مناطقها تسونامي بلغ ارتفاعه 4 أمتار ما تسبب في انهيار مبان وسقوط ضحايا. مع ذلك سيندهش الكثيرون من معرفة السبب وقد يضحك البعض.
هل عثر العلماء على “مدينة قوم لوط” فعلا؟
تداولت وسائل الإعلام على مدى أيام مطلع أكتوبر عام 2015، أنباء عن عثور فريق من علماء الآثار على مدينة قوم لوط المذكورة في القرآن الكريم، بالأردن على الطرف الشمالي للبحر الميت.
من اختراع معجون الأسنان ومزيل العرق وأسس حتى فن “الإتيكيت”؟
يصاب الكثيرون بالدهشة والذهول حين يتحدث علماء أجانب عن منجزات الحضارة العربية الإسلامية الفريدة، بما في ذلك بين أحفاد أصحاب هذه الحضارة في الوقت الراهن.