الرئيسية الحياة والمجتمع أحمد الرئيسي وأمل أحمد.. رسالة إلهام من تحديات الإعاقة

أحمد الرئيسي وأمل أحمد.. رسالة إلهام من تحديات الإعاقة

0 القراءة الثانية
0
0
0
wp header logo17256564061427930837

بالأمل وإرادة صلبة لا تلين أمام الآلام والتحديات، تمكّن الشاب أحمد الرئيسي، والشابة أمل أحمد، من كتابة قصتين ملهمتين عنوانهما الإصرار والتغلب على الإعاقة، فباتا من أصحاب الإرادة الذين يحولون صعوبات وتحديات الحياة إلى أمل وفرص لإثبات الذات في مواجهة مَن تُغير الظروف مسار حياته. ولد أحمد وأمل دون إعاقة، لكن تعرض كل منهما لحادث سير شكّل نقطة تحول في حياته التي تبدلت تماماً، وبدأت بعدها رحلة العلاج والإصرار على تجاوز الصعوبات، وإضاءة الشموع لتنير دربهما بدلاً من لعن الظلام.

انعطافة

الثالث من نوفمبر عام 2020 كان التاريخ الذي انعطفت فيه حياة أحمد الرئيسي، الشاب الذي كان يبلغ وقتها 21 عاماً، حيث تعرض لحادث سير مروّع أدى إلى بتر ساقه قبل وصوله إلى المستشفى. وتحدث أحمد الرئيسي عن الحادث لـ«الإمارات اليوم» قائلاً: «تعرضت لحادث سير مروّع بسبب سرعة السائق الزائدة، وعناد سائق المركبة الأخرى على الطريق، ودفعت أنا الثمن من صحتي، حيث بُترت ساقي خلال الحادث، والضرر لم يكن مترتباً على صحتي فقط، فكل عائلتي والمحيطين بي تضرروا أيضاً، وهذا شكّل عبئاً كبيراً عليّ». وأضاف الرئيسي: «في تلك المرحلة وبعد وقوع الحادث، لم يكن لدي سوى خيارين، فإما أن أعيش في الظلمة والكآبة أو أن أمضي في حياتي بسعادة وإصرار».

اتخاذ خيار السعادة ليس سهلاً على الإطلاق، فقد وصفه الرئيسي بالتحدي الذي يحتم على الإنسان مواجهة كل الأبواب التي تغلق في وجهه، بعد تعرّضه لحادث من هذا النوع، موضحاً أن فرص الوظائف تصبح أقل، وكذلك فرص الزواج، فضلاً عن نظرة المجتمع التي تتبدل. وشدد على أن الوعي في المجتمع قد تغير، والنظرة باتت مختلفة بفعل منصات التواصل الاجتماعي، معرباً عن حزنه حين قام بتركيب قدم اصطناعية، لكنه قرر نشر قصته عبر وسائل التواصل، وفوجئ بردود الفعل التي وصفته بالبطل، معتبراً أن التعرض لحادث لا يمنح المرء البطولة، وإنما البطولة في القوة والإصرار على متابعة الحياة بعد كل الخسارات التي يتعرض لها المرء.

عزلة البداية

لم تكن مسيرة الإصرار على متابعة الحياة في غاية السهولة، فقد عزل أحمد الرئيسي نفسه في البداية. وأشار إلى أنه في كل إجازة أسبوعية كان يعزل نفسه، لكن العزلة تُبعد المرء عن الناس وحتى عن أهله، وتحوّله إلى عالة على المحيطين به. وأشار إلى أن هذه التجربة منحته الشعور بوجود الله إلى جواره، وكذلك شعوره بنعمة لذة الصبر، لأن الرحلة تحمل كثيراً من المشقة، كما أنه اليوم مختلف عما كان عليه قبل الإعاقة، مشيراً إلى أن أحمد الذي كان قبل الحادث قد مات، واليوم أصبح هناك شخص جديد يتحلى بالطموح ومنح الأشياء الثمينة في حياته قيمتها الحقيقية.

أمل ورحلة تغيير

أما أمل أحمد التي فقدت الأمل لفترة طويلة من حياتها، فقد انتصرت على الإعاقة بالإصرار والصبر. ولفتت إلى أنها أجرت أكثر من عملية جراحية بعد تعرضها لحادث سير، ونتيجة خطأ طبي فقدت القدرة على المشي، وباتت تستخدم كرسياً متحركاً لفترة طويلة جداً. ونوّهت بأن رحلة التغير بدأت حينما سافرت إلى خارج الإمارات في رحلات خاصة بالعمل التطوعي، موضحة أنها بعد السفر بدأت تنظر إلى حياتها بشكل مختلف، وباتت ترى الإعاقة في العقل لا في الجسد، وأن الإنسان القادر على الإنتاج للمجتمع على الرغم من الصعوبات هو الذي يتحلى بالشجاعة.

ولفتت أحمد إلى أن حالة الرضا والتقبل بدأت معها حين سافرت إلى الخارج، فقبل سفرها لم تكن تتقبل عجزها عن السير، وكانت منعزلة تماماً، مبينة أن العمل التطوعي – وهي على كرسي متحرك – أسهم في تغيير رحلتها العلاجية، فحينها بدأت تلمس التغيرات في قدرتها على السير والاستفادة من العلاج الفيزيائي. ونوّهت بأنها فقدت الأمل في مرحلة من حياتها، لأنها لم تولد معاقة، بل واجهت الإعاقة نتيجة حادث، وشعورها بالعجز كان ثقيلاً، معتبرة أن قصتها عنوانها الإرادة واختيار الذات والحياة. وأشادت أحمد بما تقدّمه الإمارات للمواطنين وأصحاب الهمم، ما يتيح لهم المضي في حياتهم والإنجاز والنجاح.

لا مستحيل مع «أصحاب الإرادة»

1616981

                                           ولاء الشحي خلال تكريم أمل أحمد وأحمد الرئيسي. من المصدر

تحدث أحمد الرئيسي وأمل أحمد عن تجربتهما في تحدي العقبات المختلفة في الحياة وذلك في جلسة نقاشية ملهمة نظمتها مكتبة محمد بن راشد، أول من أمس، بعنوان «أصحاب الإرادة» وأدارتها الدكتورة ولاء الشحي. وتحدثت الشحي لـ«الإمارات اليوم» عن أهمية هذه الجلسة، وقالت: «تعد هذه الجلسة مهمة لكل فئات المجتمع ولجميع الأعمار، لأن البعض لا يعرفون كيفية التعاطي مع أصحاب الهمم، ويُنظر إليهم بعين الشفقة». وأضافت: «ترسخ الجلسة الشعور بعدم وجود المستحيل، والإصرار على تحقيق الأهداف، وعدم السقوط في منتصف الطريق، كما أنها تحث المجتمع على النظر لهم يداً بيد». وأشادت بتنظيم المكتبة لهذه الجلسة، فهي إلى جانب كونها صرحاً ثقافياً، تقدم تجارب مميزة للجمهور من خلال هذه الجلسات. فالجلسة بمثابة قراءة لحياة كاملة. وشددت الشحي على أنه في الفترة السابقة وفي بداية انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، كان الناس يرتاحون في الكتابة وأحياناً بأسماء مستعارة، لكن اليوم بات الناس أكثر قدرة على نشر قصصهم بالصوت والصورة، من أجل تقديم نموذج نجاح مميز، والكثير من القصص هي قصص تُحتذى ويمكن تعلم الكثير منها في شتى المجالات.

أحمد الرئيسي:

بعد وقوع الحادث، لم يكن لدي سوى خيارين، فإما أن أعيش في الظلمة والكآبة أو أن أمضي في حياتي بسعادة وإصرار.

أمل أحمد:

رحلة التغير بدأت حينما سافرت في عمل تطوعي، حيث بدأت أنظر إلى حياتي بشكل مختلف، وأرى أن الإعاقة في العقل لا في الجسد.