طالبت الشاعرة ندى الحاج، المسؤولين في لبنان بتخصيص مركز باسم والدها يضم مكتبته وما تتضمنه من محتويات قيمة، مشيرة إلى أنها تسعى في الفترة الحالية إلى إعادة إصدار كتبه الشعرية والنثرية وأعمال لم تنشر له لتعريف الأجيال الجديدة به.
وقالت ندى في حوارها مع «الإمارات اليوم»: «أحلم بتخصيص مركز يحمل اسم أنسي الحاج، يحتضن مكتبته ومكتبه الذي شهد على إبداعاته لمدة نصف قرن، ومجموعة اللوحات التشكيلية بريشة أهم الرسامين الأصدقاء من جيله، الذين طبعوا بفنهم مرحلة لبنان الثقافية الذهبية».
وأضافت «سكن والدي في شقة بالإيجار في بيروت طوال حياته، ولم نتمكن من حفظها بعد رحيله. حاولت أن أطلب من المسؤولين في لبنان تخصيص مكان صغير لاحتواء المكتبة وما فيها، وجعله مركزاً تنشط فيه حركة ثقافية تشبه بروحيتها جو أنسي الحاج والحركة الشعرية التي أسهم في إرسائها منذ ستينات القرن الماضي، لاسيما في ملحق (جريدة النهار) الثقافي الأسبوعي، الذي ترأس تحريره مستقطباً ومشجعاً الأقلام والمواهب الجديدة والشبابية. انطلاقاً من ذلك، رغبت أن تستمر روح والدي من خلال المركز الذي حلمت بإحيائه كما وعدته قبل رحيله. وبما أن الأوضاع في لبنان غير مستقرة، لم أستطع تحقيق وعدي هذا له، بل حولت اهتمامي إلى إعادة إصدار كتبه الشعرية والنثرية التي نفدت من المكتبات، إضافة إلى كتابات أخرى غير منشورة له، بهدف تعريفه إلى الأجيال الصاعدة، ونشر فكره الرؤيوي الذي لم يغلبه مرور الزمن، بل بالعكس كان سابقاً لزمنه وشاهداً على عصره بحيوية متوهجة».
مختارات من دواوينه
وعن كتاب «وردة الذهب»، الذي وقعته في معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته الـ33 التي اختتمت في الخامس من الشهر الجاري، أوضحت ندى الحاج أن الكتاب هو مختارات شعرية من دواوين أبيها، قامت بإعدادها بمبادرة من مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، التي عرضت عليها الفكرة باقتراح من مؤسس المجموعة هدى إبراهيم الخميس، ضمن مبادرتها (رواق الأدب والكتاب)، لافتة إلى أنها فضلت تأجيل إصدار الكتاب حتى تصدر الأعمال الشعرية الكاملة لأنسي الحاج 2023 في ذكراه التاسعة عن «دار المتوسط»، وبعدها أصدرت كتاب «المختارات» عن «دار المتوسط» أيضاً ليكون حاضراً في معرض الكتاب الدولي في أبوظبي 2024.
وأكملت الشاعرة اللبنانية: «أحببت أن أختار بدقة باقة ورد شعرية من دواوين والدي الستة وأنثر أريجها في صفحاته. وتم اختيار العنوان بيني وبين ناشر (المتوسط)، خالد الناصري. صحيح أن العنوان يشير إلى كتاب (ماذا صنعت بالذهب ماذا فعلت بالوردة)، فـ(وردة الذهب) هو عنوان يشبه والدي الشاعر والإنسان معاً، وحضوره هو دائم التوهج كالذهب لا يفنى».
وذكرت أن ذوقها لعب دوراً في اختيار القصائد في الكتاب، مع حرصها على وفائها لذاكرة أنسي الحاج الشعرية وجوهر مساره الغني، وتجدده المستمر من خلال لغة تجاوزت نفسها لتنسجم مع روح مبدعها المتقدة. وارتأت كذلك بالاتفاق مع أصحاب المبادرة، أن يكون كتاباً سلساً للقارئ الذي يتعرف إلى شعره لأول مرة، كما تضمنت المختارات قصيدة «غيوم» التي لم تنشر في دواوينه السابقة.
تأثير عميق
وعن علاقتها بوالدها الشاعر الكبير وكيف تأثرت به، أكدت ندى الحاج أنه من الطبيعي أن تتأثر به على الصعيد الإنساني ككل ابنة تتأثر بوالدها. أما على المستوى الشعري، فقد وجدت نفسها تكتب أول نص بالعربية في السابعة من عمرها، وأكملت الكتابة في المراهقة بالفرنسية ثم بدأت تنشر قصائدها بالعربية وهي على مقاعد المدرسة. واستطردت: «لاشك أنني تأثرت بأبي وأمي معاً. فهي كانت تقرأ على مسمعي وأنا طفلة قصائد الشعراء وكنت أرافقها إلى مدرسة المسرح الحديث الذي انتمت إلى فرقته، وأجول معها على مسارح لبنان في مختلف مناطقه. وكانت هي مشجعتي الأولى على الكتابة والنشر».
يرافقني بروحه كل لحظة
اعتبرت ندى الحاج أن كونها ابنة شاعر كبير، لم يؤثر سلباً في مشوارها الإبداعي والفني، بل بالعكس حفزها لتتقدم وتتطور باستقلالية عن مسار والدها، الذي كان حريصاً على أﻻ يتدخل منذ البدء في شخصيتها الشعرية المختلفة عن شخصيته، وترك لها كامل الحرية في التعبير بأسلوب يشبهها.
وقالت: «رافقني في دربي المهني والشعري بطريقة تشبهه، وكنت أشعر باطمئنان حين يقرأ مخطوطاتي الشعرية قبل نشرها وأنتظر تقييمه الثمين. أنا ممتنة لحضور والدي في حياتي، والذي يتبلور يوماً بعد يوم ويشتد على الرغم من 10 سنوات على رحيله. بعد أن حظيت باطلاعه على كتبي السبعة في حياته، ها هو يرافقني بروحه كل لحظة، خلال كتاباتي ولدى إصدار كتبي الثلاثة بعد رحيله، حتى كتابي الأخير (خطوات من ريش) 2023، فذكرياتي معه هي ذكريات خاصة محفورة في القلب والوجدان، ملازمة للنفس كنسيم الروح لا تحدد بالكلمات وﻻ تختصر بلحظات. ذكريات يمتزج فيها الشعر بالحياة والأب بالجذور والابنة بسر أبيها».
ندى الحاج:
. أحببت أن أختار بدقة باقة ورد شعرية من دواوين والدي الستة وأنثر أريجها في صفحاته.
. «وردة الذهب» عنوان يشبه والدي الشاعر والإنسان معاً، وحضوره هو دائم التوهج كالذهب لا يفنى.