وصف رياضيون النسخة الحالية من دوري أبطال آسيا بأنها أصبحت أشبه بلعبة «البلاي ستيشن»، بسبب التعديلات التي أُدخلت على نظام المسابقات القارية، والتي فتحت الباب أمام وجود اللاعبين الأجانب بصورة أكبر مما كانت عليه البطولة من قبل.
وشددوا على أن من يديرون كرة القدم في العالم لم يعودوا يهتمون إلا بالربح وجمع المال على حساب الجانب الفني، وأكدوا أن انسياق الأندية العربية وراء هذه التعديلات أمر من شأنه أن يُعرّضها للإفلاس، جراء إنفاق ملايين الدولارات على اللاعبين الأجانب، دون أن تتوافر لديها مداخيل وعوائد تُساعدها على مجابهة هذا الصرف.
وقالوا لـ«الإمارات اليوم»: «الاتحاد الآسيوي له الحق في تطوير بطولاته، وزيادة المداخيل المالية التي تأتيه جراء هذا التطوير، لكن في الوقت ذاته لابد له من حماية اللاعبين الآسيويين والمنتخبات الوطنية من سطوة اللاعبين الأجانب».
ودعوا في الوقت ذاته الاتحاد الآسيوي لكرة القدم إلى إعادة النظر في اللوائح الجديدة التي تم اعتمادها لبطولاته، خصوصاً مسابقة النخبة، لحماية الأندية والمنتخبات القارية من التراجع في ظل السطوة الحالية للاعبين الأجانب على المشهد، وتقديم أدوارهم على حساب اللاعب الآسيوي.
وأجرى الاتحاد الآسيوي لكرة القدم بعض التعديلات على اللوائح المنظمة للمسابقة، أبرزها فتح سقف عدد اللاعبين الأجانب المشاركين في البطولة، كما تم اعتماد إقامة المباراة النهائية من مباراة واحدة، بعد أن كانت تقام من مباراتين (ذهاباً وإياباً)، ومن بين التعديلات الجديدة أيضاً أن أندية شرق آسيا ستلتقي مع أندية غرب القارة بداية من الدور ربع النهائي، وهو ما سيسهم في قوة المواجهات وصعوبة المباريات.
مزاعم التطوير
حذّر المدرب العراقي، عبدالوهاب عبدالقادر، الأندية العربية من مغبة الانسياق وراء مزاعم التطوير التي رمى بها الاتحاد الآسيوي لكرة القدم نحو بطولاته القارية.
وقال: «كرة القدم أصبحت مُحاطة بأشخاص، لا تقصد إلا الربح المادي، دون النظر لمصالح الأندية واللاعبين، وهذا ما يحدث الآن في بطولات دوري أبطال آسيا».
وأضاف: «إذا لم تنتبه الأندية العربية لخطورة هذا التطوير، وجرت وراء استقدام لاعبين أجانب، وأرهقت ميزانياتها بمثل هذه الصفقات، فإنها ستتعرض لانتكاسة مالية مستقبليه قد تؤثر على وجودها».
وأشار عبدالقادر إلى أن «اللاعبين الأجانب لا يعطون المردود الفني الذي يواكب التطور الذي ننشده، ولنا في الدوري السعودي مثال على ذلك، فهناك أسماء كبيرة دخلت على الأندية السعودية، مثل ساديو ماني وبنزيمة، ولكن مع الأسف مردودهما الفني لم يكن كما كانا عليه مع ليفربول وريال مدريد، رغم أنهما يحصلان على رواتب خيالية، والأمر نفسه يحدث مع لاعبين آخرين، وفي النهاية لم تحصل الأندية السعودية على لقب دوري أبطال آسيا في الموسم الماضي، ومنتخبها الوطني تراجع بصورة كبيرة، عكس ما كان عليه في السنوات الماضية».
وأوضح: «مع الأسف الاتحاد الآسيوي انجرف إلى هذه التجربة، وحوّل بطولاته إلى ما يشبه (البلاي ستيشن)، فكل نادٍ يختار لاعبيه من كل صوب وحدب، وللأسف سيكون للسماسرة ووكلاء اللاعبين دور كبير في هذه اللعبة، ما قد يؤثّر على الأندية العربية الكبيرة التي تُمثل القوام الرئيس لمنتخباتها الوطنية».
وأتم: «أغلب الأندية العربية تعتمد في ميزانيات الصرف على الدعم الحكومي، دون أن تكون لها مداخيل ثابتة تستطيع من خلالها الإنفاق على أنشطتها، ولو كانت تتوافر لها قاعدة رئيسة من المداخيل لكان من الممكن أن نتقبل الوضع الجديد لبطولات دوري أبطال آسيا، لكن ما يحدث قلب هرم كرة القدم، ولم يعد هناك اهتمام بالناشئين والشباب، وأصبح الخيار السهل استقدام اللاعبين الأجانب، وتوجيه الميزانيات إليهم».
تقنين مشاركة «الأجانب»
من جانبه، دعا المحلل الرياضي، عضو مجلس إدارة اتحاد الإمارات لكرة القدم الأسبق، الدكتور سليم الشامسي، الاتحاد الآسيوي إلى إعادة النظر في اللوائح المنظمة لدوري الأبطال في الموسم المقبل، وتقنين مشاركة الأجانب من خارج القارة الصفراء، أسوة بما كان يحدث في السابق.
وقال: «من الطبيعي أن ينظر الاتحاد الآسيوي إلى تطوير بطولاته وزيادة المداخيل المالية التي تأتيه جراء هذا التطوير، لكن في الوقت ذاته لابد أن يحمي اللاعبين الآسيويين والمنتخبات الوطنية من سطوة اللاعبين الأجانب، لأن هذا سيؤثر على المنتخبات القارية التي ستشارك في بطولة كأس العالم، وحتى بطولة أمم آسيا ستتأثر بتداعيات التغير الحادث حالياً».
وأضاف الشامي: «إذا فُرض علينا هذا الوضع، فلابد للاتحادات العربية تحديداً أن تتدخّل وتحمى مصالح منتخباتها الوطنية، ولا تنساق وراء فتح باب القيد لأي عدد من اللاعبين بداعي مساعدة الأندية على الظهور القوي في دوري أبطال آسيا، وأعتقد أن هذه ستكون خُدعة».
وأشار: «علينا أن نعترف بأن الأندية أصبحت أقوى من الاتحادات الوطنية، ولا نُريد أن نذكر أمثلة على ذلك، فالواقع معروف لدى الجميع، ولكن خطورة بقاء الوضع على ما هو عليه سيتسبب في تراجع المنتخبات العربية، على عكس بعض المنتخبات في شرق آسيا، مثل كوريا واليابان وأستراليا، التي تعتمد في المقام الأول على لاعبيها المحترفين في أوروبا، وتضع في خططها أن بطولات دوري أبطال آسيا ما هي إلا وسيلة لإعداد لاعبي الصف الثاني في تلك الدول ليكونوا نواة لمنتخباتها الوطنية».
واقترح سليم الشامسي على الاتحاد الآسيوي تقنين عدد اللاعبين الأجانب من خارج القارة الصفراء، وفتح باب عدد المشاركة للاعبين الآسيويين في البطولات القارية، وهذا ما سيضمن تطوير المسابقات الحالية مع الحفاظ على جودة لاعبي ومنتخبات آسيا.
شكل بلا مضمون
أكد لاعب الجزيرة الأسبق، الدولي يوسف عبدالعزيز، أن بطولات دوري أبطال آسيا لم تعد للاعبين الآسيويين، وأنها تحوّلت إلى دوري «بلاي ستيشن».
وقال: «الاتحاد الآسيوي أراد أن يطور مسابقاته، وأخذ من دوري أبطال أوروبا نموذجاً لهذا التطور، لكنه مع الأسف أخذ الشكل ولم يأخذ المضمون، ففتح الباب أمام أي عدد من اللاعبين الأجانب للمشاركة في قوائم الأندية دون ضوابط».
وأضاف: «في الاتحاد الأوروبي والاتحادات الوطنية يعتبرون اللاعب الأوروبي كأنه لاعب محلي، وهذا النظام حافظ على قوة المنتخبات الوطنية، لأنه ضمن مشاركة اللاعبين الأوروبيين في بطولات قوية من الناحية الفنية ومن الناحية التنظيمية أيضاً، لكن الوضع اختلف في آسيا، وأصبح اللاعب المواطن يُعامل وكأنه (تكملة عدد)، ومنح الدور الأكبر للاعبين الأجانب، وهذا سينعكس سلباً على واقع كرة القدم، وعلى المنتخبات العربية تحديداً، بل إن البعض منها بدأ يتأثر في الوقت الحالي».
وأضاف: «مع الأسف كرة القدم أصبحت تتراجع بشكل مُخيف، بسبب الجانب المادي الذي طغى عليها، وأصبح الأمر تجارة، لذلك تقلصت المواهب، وقل الإمتاع في المباريات، والسبب من وجهة نظري هو القرارات التي تُتخذ في حق اللعبة من المعنيين بها».
وزاد بالقول: «أعتقد أن الأندية العربية لابد أن تعمل في المقام الأول على تطوير قدرات لاعبيها المواطنين من خلال الاهتمام بالأكاديميات، واستقطاب أفضل المدربين الذين يسهمون في هذا التطوير، ثم تأتي الاستعانة باللاعب الأجنبي كعنصر إضافي يسهم في إكمال هذا التطوير، ولا أرى أنه يجب أن يكون اللاعب الأجنبي هو المُتحكم في عملية التطوير، لأمر بسيط، وهو أنه ينظر إلى مصلحته المادية فقط، والمكان الذي ستأتيه منه قيمة مالية أعلى سيذهب إليه».
للمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط