قالت المرشحة الرئاسية للحزب الديمقراطي الأميركي، كامالا هاريس، إنها لن تتفاوض مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، من دون وجود الرئيس الأوكراني، فلوديمير زيلينسكي.
ومن الواضح أن الحرب الأوكرانية، التي هي حرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) أيضاً تسير في اتجاه سيّئ، كما أن مستقبل «الناتو» أصبح في موضع شك.
وفي غضون ذلك، أوضح زيلينسكي، الذي اضطر لإلغاء «قمة السلام المرتقبة» والتي تم تأجيلها رسمياً إلى المستقبل، لأن الجميع رفضوا حضورها، أنه لن يتفاوض مع موسكو تحت أي ظرف من الظروف.
ويدرك زيلينسكي أن أي تنازل سيقدمه لموسكو سيكون قاتلاً بالنسبة له. وفي الوقت الذي بدأ فيه جيشه بالتفكك، يعتمد زيلينسكي على «لواء آزوف»، وهو وحدة النخبة التي يقول البعض إنها تحاول محو وصمة عار الأيديولوجية النازية الجديدة من تاريخها. وبالنظر إلى أن زيلينسكي لن يتحرك على الأرجح، فإن «صيغ السلام» المختلفة التي يتم طرحها في أوروبا لن تغيّر أي شيء.
وتتركز الفكرة الأساسية في أوروبا حول محاولة تجميد الصراع، وأن روسيا ستواصل احتلال أجزاء من أوكرانيا في الوقت الحاضر، وتدفع أوكرانيا إلى «حلف الناتو»، وإن لم يكن ذلك ممكناً، يتم توفير بعض الأنواع الأخرى من الضمانات الأمنية للمستقبل.
ولا ينبغي للروس رفض الفكرة الأخيرة، لأنه وبفضل زيلينسكي ماتت منذ بدايتها. وبالطبع، لن يوقف هذا أوروبا، والبعض في واشنطن، عن تحريك الاقتراح في كل الأحوال، وفي الوقت ذاته إرسال المزيد من الأسلحة إلى أوكرانيا، على أمل أن يتمكن الأوكرانيون من الصمود إلى ما بعد الانتخابات الأميركية.
وإذا تعرضت أوكرانيا للهزيمة، قبل نهاية أكتوبر، فإن ذلك سينذر باندلاع الفوضى بالنسبة للديمقراطيين في الولايات المتحدة، وربما على الأرجح ستنهار الحكومة الألمانية، وربما أيضاً النظام الفرنسي. ولا يعتقد الخبراء أن ذلك سيحدث، ولكن معظم الخبراء غالباً ما يخطئون.
وفي الوقت ذاته، لن يقبل الروس من طرفهم وقف إطلاق النار لأنه لا يقدم لهم أي شيء. ومن الواضح أن الروس يريدون أن تكون أوكرانيا منزوعة السلاح، وحيادية، وربما لن يقبلوا الضمانات الأمنية التي يقدمها حلف الناتو، على الرغم من أن التصريحات الروسية تبدو غامضة.
وتريد روسيا، من الناحية الرسمية، الاعتراف بلوغانسك، ودونباس، وزافورياز بأنها مناطق روسية، كما أنها تطالب بحماية للناطقين بالروسية في أوكرانيا.
فرصة تنشيط الحلف
وليس هناك الكثير من التوقعات أن تتم الموافقة على مطالب روسيا، إذا لم نقل أنها معدومة مطلقاً، سواء من قبل الحكومة الأوكرانية الحالية، أو معظم دول حلف «الناتو». ولهذا السبب، يؤكد موقف زيلينسكي المتشدد أن الهدف الحقيقي لروسيا هو تغيير الحكومة الأوكرانية، كلية واستبدالها بأخرى تكون مرغوبة من قبل روسيا، ومستعدة للموافقة على مطالب موسكو.
وإذا نجحت روسيا في تحقيق هدفها، سيضطر حلف «الناتو» إلى تقليص حجمه، لكن من المؤسف أنه على الرغم من كل هذا «التفاخر»، فإن فرصة تنشيط حلف الناتو كتحالف عسكري لا تبدو واعدة.
وثمة أسباب عميقة وراء تعثر حلف «الناتو»، ويرجع السبب الأكبر على الإطلاق إلى أن الحلف كان يتوسع دون الاهتمام بحاجته إلى أن يكون تحالفاً دفاعياً موثوقاً. وأوكرانيا هي جزء من هذا التوسع، ونتيجة ضغوط الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، انتشر هذا التوسع إلى جنوب القوقاز وأرمينيا.
ما الذي تكسبه واشنطن؟
ويعتبر حلف «الناتو» أكبر حلف، بلا حدود يمكن الدفاع عنها، ولهذا السبب تتعرض أوكرانيا للتدمير، على الرغم من إفراغ الترسانات الغربية في محاولة لإنقاذها. ولن يهمل الروس جنوب القوقاز بما في ذلك أرمينيا، عندما يحين الوقت.
ومن المؤسف أن حلف «الناتو» قد أقنع نفسه بالوقوع في هذه الفوضى. فالحلف، هذه الأيام، هدفه التوسع وليس تأمين الحماية لأحد. وعندما يتعلق الأمر بالدفاع، يعتمد الحلف بصورة كلية على الولايات المتحدة، والتزامها بإرسال الجيش الأميركي، وقواتها الجوية، والبحرية لحماية توسع الحلف.
ويتطلب توسع حلف «الناتو» كسياسة، التزامات عسكرية كبيرة من قبل حلفاء الولايات المتحدة. وهذا لن يحدث. ولهذا من الإنصاف السؤال: ما الذي تكسبه الولايات المتحدة من دعم سياسة حلف «الناتو»؟
يوجد الكثير من القلق في الولايات المتحدة بشأن مئات المليارات التي يجري تبديدها في أوكرانيا، في ظل عدم وجود أي تسوية ممكنة الآن. وستؤدي هذه السياسة في مرحلة ما إلى تراجع كبير من جانب حلف شمال الأطلسي، وعن أي التزام بالدفاع عن أوروبا عندما لا تفعل سوى القليل من أجل الدفاع عن نفسها. عن صحيفة «آسيا تايمز»
• توسع «الحلف» يتطلب التزامات عسكرية كبيرة من حلفاء الولايات المتحدة وهذا لن يحدث.