تذكرني قنوات كـ«ماسبيرو زمان»، «دبي زمان»، «القرين»، «ذكريات»، و«الريان»، بالأعمال الدرامية الجميلة التي كانت رغم قلة إمكاناتها المادية فإنها مكتوبة بإبداع وعمق شديدين. شاهدت بالصدفة مسلسل عمر بن عبدالعزيز الذي لعب بطولته الفنان الكبير الراحل نور الشريف، لا أدري لماذا فوجئت بالأزياء رغم أنني شاهدت المسلسل مراراً في فترة نزوله، ولكن يبدو أن تأثير التطور البصري والأعمال الكثيرة التي شاهدناها لاحقاً جعلتنا لا نتقبل السينوغرافيا والديكور والأزياء التي كانت في أكثر المسلسلات نجاحاً في حقبة التسعينات، ولكن هذا كان السائد وقتها، وكل التحية والتقدير لما قدمه فنانو تلك الحقبة وللجهد الجبار الذي بذل في البحث والسيناريو والحوار، كما يجب أن أشير إلى الإبداع الذي قدمته الدراما السورية التاريخية العربية، والتي اجتهدت كثيراً في تقديم تفاصيل القصص بكل دقة بحثياً وبصرياً.
اليوم وفي ظل تطور الإمكانات والمادة، ومع كل التظليل الذي يحاول بعض الإعلام الغربي أن يخيمه على الدين الإسلامي والعرب، فالفرصة كبيرة لإنتاج أعمال عن حقبة ما قبل الإسلام وأثناءه وبعده، فجميع أنواع القصص موجودة من الحروب إلى القصص الإنسانية والعاطفية والتشويق، وهي أكثر بكثير من القصص التي تم استغلالها درامياً في تاريخ التلفزيون العربي.
إضافةً إلى ذلك، آن الأوان للدراما الخليجية أن تخرج من عباءتها وتقدم أعمالاً عن تاريخ العرب الجاهلي والإسلامي، خصوصاً أن معظم الشخصيات التاريخية كانت تعيش في الجزيرة العربية، ويفترض بنا كدول خليجية أن تكون لنا الأسبقية في إنتاج هذه الأعمال لأننا نملك الأدوات والفنانين والبيئة الطبيعية لهذه الأحداث، كما أننا نضم كبرى شركات الإنتاج والخبرات السينمائية العالمية، أما المادة فيمكن توفيرها إذا ما آمن رواد القطاع بالمشروع.
هذه فرصة ذهبية للدراما الخليجية أن تخرج من إطارها النمطي، وتقدم التاريخ بشكل جديد أقرب إلى الواقع وأكثر إقناعاً، مخاطبة العالم بدلاً من مخاطبتنا فقط، وهذا هو الوقت المثالي لتصحيح مفاهيم خاطئة كثيرة عن ثقافتنا وديننا، وإبراز علاقاتنا الممتازة وتعاملنا واتصالنا مع الشعوب المجاورة منذ صدر الإسلام وقبله.
لم نكن بمعزل عن العالم لكي نعجز عن تقديم أعمال تاريخية عميقة ونحصر أنفسنا في إطار التراث والدراما الاجتماعية، فالعقول الباحثة والنيرة موجودة والوثائق التاريخية عنا موجودة في مكتباتنا ومكتبات العالم، وشركات الإنتاج موجودة، أما ما ينقص فهو صاحب القلم المبدع الذي يتعب على نصه التاريخي، وأشخاص مؤمنون بالمشروع.
@ibrahimustadi